خالد الربيعان
إذا نزل كائن فضائي على أرض المملكة بغرض إعداد تقرير عن طباع وعادات وطريقة تفكير الإنسان في كوكب الأرض سنجد في إحدى صفحات هذا التقرير ما يلي: «اليوم حدث شيء عجيب للغاية -حتى بمقاييسنا نحن الفضائيين!-، هناك سائل أسود يشربه الإنسان وهو شديد الانتشار، يسبب البدانة ويقتل 184 ألف إنسان كل عام، هذا السائل تم إعلانه اليوم كمشروب رسمي لمنتخب كرة القدم في هذه البقعة من الكوكب!، بحثت أكثر فوجدت أن وزارة الصحة بنفس هذا المكان تحاربه، وأن وزارة التعليم والتربية منعته! الإنسان كائن مجنون، انتهى»!
هذا الفضائي يقول الحق حتماً! الإنسان كائن مجنون! «كيف تحارب وزارة الصحة الكوكاكولا و تمنعها وزارة التربية والتعليم من المدارس، ثم اتحاد الكرة يتعاقد معها؟!» هذا التساؤل ليس من تأليفي وإنما هو نسخ بالنص لكلمات العديد من الناس سألوا نفس السؤال بنفس الصيغة على «تاق» بعنوان «المشروبات الغازية ذبحتنا» تم إطلاقه بعد خبر تعاقد اتحاد الكرة «الهُمَام» مع شركة السم الأسود هذه!.
كيف للمؤسسة التي تمثل أهم رياضة في المملكة أن تقدم وتفخر بنفس الشيء الذي تكافحه وزارة صحتها وتمنعه مدارسها؟! وكيف يفكر الطفل في المدرسة عندما يجد لافتات تحذر منها برعاية وزارة الصحة ويذهب لمدرسته ويجدها ممنوعة لأنها تقتل! ثم يشاهد مباراة المنتخب السعودي ليجد إعلانات تقول له «اشرب ولا تقلق ولا تسمع كلام مدرستك! هذا هو المشروب الرسمي للمنتخب يا ولد»!!.
بريطانيا فرضت ضريبة على المشروبات الغازية بعد أن ثبت أن ثلث أطفال بريطانيا بدناء بسببها! رغم أن شركات هذه المشروبات تساهم في اقتصاد بريطانيا بـ6.4 مليار إسترليني! وأقرت فيلادلفيا خامس أكبر مدن أمريكا -بلد نشأة هذا المشروب!- ضريبة على الشركات المُصَنِّعة نصف دولار... على كل لتر!
الغريب أن عقد الرعاية هذا من خبرتي المتواضعة في التسويق الرياضي: سيئ جداً من حيث القيمة! 2 مليون دولار بالسنة! يعني 22 مليون ريال في 3 سنين وهي مدة العقد! يعني كوكاكولا كسبت كل هذه الأرض وكل هذا السوق بسعر زهيد ودون ضرائب وتعلن لمنتجها المدمر هذا وسط الشعب الرابع عالمياً من حيث الاهتمام بكرة القدم! وأخرجت لسانها لكل المؤسسات: بملاليم (على قولة اخوانا المصريين!!).
المشروبات هذه حسب مؤشر الأمن الغذائي جعلت السعودية (الثانية عالمياً) في السمنة بنسبة 35 % يعني من كل 100 طفل هناك 35 طفلا يجد صعوبة في التنفس والمشي والحركة ويعاني من ضعف الثقة بالنفس وصعوبة الاستيعاب!
وفي الأخير شكراً لاتحاد الكرة لمحاولة زيادته لهذه النسبة من البدناء وخدمة الرياضة بالمملكة بشكل أقوى من ذي قبل! ثم يتحدثون عن التمديد!!.
لابد وإن كان الاتحاد فاعلاً لهذا التعاقد أن يكون بقيمة أكبر بكثير من هذه! فرابع أعلى شعب يهتم بكرة القدم معناها سوق عريض جداً لهذا المستثمر! سنة 74 كان استثمار كوكاكولا في الكرة 10 ملايين دولار! بالتأكيد بعد 42 سنة لا بد أن يكون عقد رعايتنا أعلى من هذا الرقم على الأقل وليس بقيمة 6 ملايين فقط!
آخر الملاحظات: في المؤتمر الصحفي لتقديم الراعي قال أحمد عيد: وأنا في سن العاشرة حينما كنت في فسحة المدرسة كنت أتمنى أن اشتري علبة كوكاكولا! ما هذه العبارة؟! هل هذا معناه انه أخيراً ستتحقق هذه الأمنية مثلاً؟! حتى الآن لا أجد تبريراً لهذه العبارة؟ فهل لديكم؟!