د. حمود بن محسن الدعجاني
الحج ركن عظيم من أركان الإسلام، فرضه الله سبحانه على المسلم المستطيع بقوله: (وَلِلّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ استطَاعَ إِلَيْه سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فإنَّ الله غَنِي عَنِ الْعَالَمِينَ) (97) سورة آل عمران. وتواترت الأحاديث في بيان فضله، ومن ذلك:
1 - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - : أي العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله». قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور». متفق عليه
2 - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: «لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور». أخرجه البخاري.
3 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلَّم - قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». متفق عليه.
4 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلَّم - يقول: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجح كيوم ولدته أمه». أخرجه البخاري ومسلم.
5 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلَّم - : «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد». أخرجه الترمذي.
يعمد كثير من الناس إلى تكرار الحج بدون تصريح؛ فيخالف الأنظمة المرعية التي جعلها ولي الأمر للتسهيل على الحجاج، وتيسير أداء نسكهم؛ ما يُحدث الزحام الشديد في المشاعر. وقد لا يتمكن الذين يؤدون الفرض من أداء النسك على الوجه الصحيح بسبب الزحام. وهذا من عدم الفقه في الدين؛ فحج النافلة ليس واجباً، وطاعة ولي الأمر واجبة؛ فيقدّم الواجب على النافلة. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أمنوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأمر مِنْكُمْ). كما أن الأنظمة التي لا تخالف الشرع يجب العمل بها، وهي من باب السياسة الشرعية، ومبنية على جلب المصالح ودفع المفاسد. كما أن ترْك الاستكْثار من الحجِّ لقصد التَّوْسعة على الحُجَّاج، وتَخفيف الزِّحام عنهم، يرجى أن يكون أجرُه في التَّرك أعظمَ من أجْرِه في الحجِّ. أسأل الله تعالى أن يوفِّق الحجاج لأداء نسكهم بيسر وسهولة، وأن يوفِّق ولاة أمرنا لكل خير، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، ويجزيهم خير الجزاء على ما يبذلونه في تسهيل أمر الحجيج وإعانتهم على أداء مناسكهم، وأن يوفقهم لكل ما فيه صلاح البلاد والعباد.