بقعاء - فهد الشيحان:
الرحلات البرية أو ما نسمّيها سابقا «القيلة» وهي من الهويات المحببة لدى الكثيرين، وهي وليست مقتصرة على سن معين، بل تشمل الكبار والشباب، وتعتبر من هوايات المشقّة والترفيه.
في الوقت الحاضر البعض ربما يحس في «القيلة» وكأنه في بيته لوجود جميع وسائل الراحة، بينما في السابقة كانت حلاوة الرحلة بمشقّتها وصعوبة الحصول على محتوياها.
وحول التجهيز للرحلة في السابقة يقول أحد كبار السن وهو هاوي للبر فهيد السالم، في الماضي كان الشباب إذا أرادوا الرحلة البرية أو كما تسمى «القيلة» يضربون ألف حساب لهذه الرحلة نظرا لعدم توافر الإمكانات اللازمة لها.
وتابع قائلا: «إن الرحلات البرية متعة في زمننا السابق، ونحرص عليها منذ فترة رغم ضعف الإمكانات وصعوبة الوضع، وأحيانا نذهب لـ»القيلة» بسيارة واحدة لعدم توافر السيارات، وأحيانا نكون نسينا حاجة من لوازم الرحلة لقلّة الأشياء، ولكن تبقى الأشياء الرئيسية هي الأهم التي نحرص عليها».
ويواصل السالم حديثه: «لم يكن هناك ما يعرف بقدر الضاغط الذي ينجز الطبخ بدقائق، ولا نعرف الشوايات الكهربائية الحديثة، وكذلك لا نستطيع توفير المفارش والمساند والمراكي، بل نجلس على الأرض ونحرص على الذهاب إلى مواقع الرمل كالنفود والشعاب كي نجلس على الرمل، ونعاني من عدم وجود كهرباء ليلا وغيرها من الضروريات التي وجدت في الوقت الحالي، ولكن يبقى للرحلة طعمها المميز وبعدنا عن المباني وجو المدينة».
ويقول الشاب ساير البقعاوي -من أهالي بقعاء- «لقد تعودنا من آبائنا وأعمامنا على الرحلات البرية، وكنا نطلع معهم سابقا رغم قلة الإمكانات وفي ظروف ضعيفة، ورغم صغر سننا فقد كافحنا مع كبار السن وتعلمنا منهم الشيء الكثير ووجدنا آباءنا يحرصون على تعليمنا الخشونة وتحمّل مشقّات البراري وملذاتها».
وتابع قائلا: «لقد تعلمنا منهم تصليح الشاي والقهوة على الناس وبجميع الوسائل، وتعلمنا الطبخ وتصليح القرص الجمري البري الذي يتم فيه دفن العجين في رمل النار الحار وهو ما يسمى «الملّة» وبذلك يستوي القرص من حرارة الرمل دون لمس النار له حتى لا يحترق، وهناك أشياء أخرى تعلمناها في هطول الإمطار والرياح الشديدة وغيرها حتى يتعوّد الشخص على حياة الناس خارج المدن لأي طارئ لا سمح الله».
ويقول صالح العبدالله إن الرحلات البرية أو ما نسميها «القيلة» هي حب أزلي قديم منذ نعومة أظفارنا وساعدنا فيها موقع محافظة بقعاء الجغرافي من خلال ما تحتويه من تضاريس وتكوينات صخرية متعددة ما بين السهول والهضاب والجبال والنفود والأشجار وغيرها، ويبقى الشغف الحقيقي في طلعات البر هو الصيد فهو مكمّل للرحلة منذ قديما حينما كنا نصيد الطيور الصغيرة بما يعرف بـ»النبّيطة» وتعتبر متعة بالنسبة لنا حققّنا إنجازا رائعا، واليوم -ولله الحمد- تناثرت وسائل الراحة المتعددة وتوافرت السيارات المناسبة والبنادق الحديثة.
ويتحدث سعد البقعاوي، بالقول إن «القيلة» هي من ملذات الحياة بسبب البعد عن صخب المدينة والخروج من جو العمل والارتباطات الأخرى، وتبقى دائما للرحلة ذكريات جميلة حسب ما يتخلل هذه الرحلة من معوقات نحاول دائما التغلب عليها بشتى الوسائل، ويبقى شيء رئيسي يميز الرحلات وهو السمر خصوصا في فصل الشتاء، حينما يكون الليل طويلا فهناك حكايات خاصة، وسمر، وقصائد شعرية، وهناك رواية قصص للقدماء أو ما يعرف بحديث آخر الليل، حيث يحرص الجميع على سماعه لأن فيه الكثير من الأمثلة والحكمة والعبر.