د. جاسر الحربش
لا أحد يجادل إيران حول حقها السيادي في قم ومشهد وخراسان، لكن النجف وكربلاء والكوفة وسامراء ومقام السيدة زينب في دمشق، هذه كلها من المقامات الشيعية العربية، وللأسف لم تعد كذلك. هوان العرب الشيعة هناك بخصوص مقاماتهم ومرجعياتهم وصل إلى الاستسلام المخجل. الفأس الإيرانية وقعت في الرأس العربي الشيعي والسني حيثما وصلت اليد الإيرانية، ولم يعد لهذا الرأس كلمة ولا رأي في من يدخل ويخرج ولا في إدارة الاقتصاد والإشراف على الأمن والأخلاق في البقع التي تضم أقدس مقدساته. على من ينكر ذلك مراجعة التغيير الديموغرافي الحاصل وأن يدرس قوائم المرجعيات والملالي وملاك الفنادق والمطاعم والخانات في محاضن التشيع العربي.
هذه الأوضاع يعرفها العرب السنة ولا يلومون أخوتهم العرب الشيعة عليها، لعلمهم بأنهم مغلوبون على شؤونهم منذ غزتهم أمريكا وسلمت الحكم الصوري للأحزاب الشيعية ومفاتيح العراق لإيران.
العرب السنة ومعهم الغالبية الصامتة من العرب الشيعة يدركون أن التفجير والتقتيل وتخريب المراقد العربية الشيعية أصبح من الأحداث اليومية منذ وضعت إيران يدها عليها، بنفس الطريقة التي طالت جوامع ومساجد العرب السنة في العراق، وفي كل الأحوال تجير فواتير الجرائم على حساب داعش والقاعدة والنواصب. استطاعت إيران حماية حدودها وسفارتها وقنصلياتها ومشاريعها الاقتصادية في العراق وداخل إيران باحترافية متميزة، فلماذا لا تستثمر هذه الاحترافية في حماية المراقد والحوزات والمؤسسات العربية الشيعية في العراق؟ لأن إيران بكل بساطة هي التي تدبر وتدير عمليات التدمير.
العرب السنة يعلمون أن حلم الحكومة الإيرانية الأكبر هو الوصول إلى الحرمين الشريفين في المملكة العربية السعودية، لاختراق الأمن أثناء مواسم الحج والعمرة وتحقيق نفس التخريب والسيطرة، على غرار ما فعلته في العراق وسوريا ولبنان.
المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً تدرك عن قناعة شرعية وعربية، أن مكة المكرمة والمدينة المنورة تقعان ضمن المسؤولية والائتمان السيادي الكامل للدولة العربية السعودية. من هذا المنطلق تضع هذه الدولة كافة إمكانياتها تحت التأهب الكامل والجاهزية اليقظة، لإجهاض أي تدخل خارجي في مسؤولياتها الائتمانية والسيادية. التعامل كان سابقاً وسوف يكون حاضراً ومستقبلاً بمبدأ وفعل أن من يرى لن يكون كمن سمع.
ويبقى العشم الكبير في الإخوة العرب الشيعة في العراق وسوريا ولبنان واليمن أن يستنقذوا أرواحهم ومقدساتهم من أذرعة الأخطبوط قبل أن يخنقهم نهائياً ويدفنهم تحت ركان مراقدهم وعتباتهم المقدسة.