ماجدة السويِّح
لطالما ارتبطت حكايات العالم السفلي والعوالم المخفية بالجن والسحر والشعوذة، لكن في وقتنا الحاضر ارتبطت حكايات العالم السفلي بالإنترنت وعوالمه المبهمة لكثير من المستخدمين، حيث يقطن في عالم الإنترنت الكبير العالم المخفي الذي يعج ويزدهر بالتجارة الإلكترونية غير الشرعية كتجارة المخدرات، الأسلحة، والاتجار بالبشر. العالم السفلي للإنترنت يحوي اليوم ما بين 40.000 و60.000 من المواقع المخفية، 15% من هذه الخدمات غير الشرعية ترتبط بالمخدرات أو الممنوعات.
اشتهر موقع «طريق الحرير» كسوق سوداء لتجارة الممنوعات خصوصا المخدرات. فكرة الموقع مشابهة لفكرة موقع أمازون في تسويق المنتجات والخدمات غير الشرعية للمستخدمين الذين يتقنون الدخول للعوالم الخفية للإنترنت.
لم يعد العالم السفلي للإنترنت متوارياً خلف مواقع يصعب الوصول إليها أو التواصل مع أصحابها، بل أصبحت حسابات تجار المخدرات والمروجين تعلن علناً لاستقطاب فئات عمرية من المراهقين لراغبي التجربة وتسويق سمومهم للمتعاطين، وأصبح المروج يمتهن طرقاً حديثة للإيقاع بصغار السن من خلال المسميات الجذابة لسمومهم، والتصوير الاحترافي لمنتجاتهم، أو تصوير المبالغ الكبيرة التي يجنونها من بيع المخدرات.
قام برنامج مكافحة تعاطي المخدرات بأمريكا بدراسة لحسابات تجار المخدرات على الانستقرام، وكشف عن وجود 50 حساباً نشطاً خلال يوم واحد، بل عمد بعضهم للتعريف بأنفسهم كتجار مخدرات في حسابات عامة، في حين كشف 17 من أصحاب الحسابات عن صور وجوههم في تطور جريء لتجارة المخدرات عبر الإنترنت. الانستقرام منعت مؤخراً «هاشتاق» خاص لترويج المخدرات، لكن هل الرقابة على المحتوى من مسؤولي شبكات التواصل الاجتماعي تكفي؟! الخطر يتضاعف مع تصدر المستخدمين السعوديين لسناب شات في العالم العربي، وصغر عمر المستخدمين وتجربتهم في الحياة والتعامل مع المخاطر.
تضاعف المخاطر استلزم جهوداً مضاعفة من وزارة الداخلية ممثلة بمكافحة المخدرات باستهداف حسابات تجار المخدرات الموجهة للمراهقين عبر حساباتهم في انستقرام وسناب شات، حيث أطاحت بالعديد من تجار المخدرات والمروجين ممن تخصصوا في استقطاب الفتيات المراهقات أو الشباب.
ترويج المخدرات للمراهقين قضية خطيرة مثيرة للاهتمام تستلزم التكامل من جميع القطاعات التعليمية والأمنية والصحية لمعالجة الخطر من خلال حملة وطنية لمكافحة تجارة السموم في شبكات التواصل الاجتماعية، للعمل على توعية الأسر بالمقام الأول لتجاوز الأمية الرقمية، وتوعية الأبناء بالمخاطر التي تحيط بهم في شبكات التواصل الاجتماعي، ومتابعة الطلاب والطالبات لمقاومة الخطر الذي يهددهم، وكيفية التعامل مع الحسابات غير المشروعة التي يصادفونها خلال استخدامهم اليومي لسناب شات أو تطبيقات التواصل الاجتماعي، فالشوك في عوالم الإنترنت يتطلب قوة في المعرفة لانتزاعه، والتعامل معه للقضاء عليه.