مهدي العبار العنزي
دعائم الحضارة تتمثل في الاقتصاد والأمن، وبدونهما لن ينعم الإنسان بالحياة الكريمة والعيش في الرخاء والاستقرار والاطمئنان. ولعل من أهم مقومات الحياة الطبيعية البعيدة عن كل المنغصات تقدم المجتمع ووصوله إلى أعلى مراتب الرقي والحضارة، ولن يتم ذلك على الإطلاق إلا من خلال الاستثمار بالإنسان وتهيئته ليكون منتجاً نافعاً متفانياً مخترعاً ومبتكراً. نعم نحن نملك الثروات الهائلة والتي يجب أن تكون خير مساعد للإنسان السعودي لكي يواصل المشوار متسلحاً بالعلم والفهم والعقل ليبدع ويصنع، ولنأخذ عبرة من اليابان وكوريا الجنوبية مثالاً، خرجتا من الحرب مدمرتين لا تملكان لا نفطاً ولا غازاً ولا ذهباً ولا فوسفات ولا أي موارد طبيعية، ورغم ذلك كان للإنسان المنتج المتعلم الدور المهم والذي أوصل اليابان وكوريا إلى هذه المكانة العالمية. ولندرك أهمية الاهتمام بالتعليم وتغذية العقول بحب العلم والعمل، لأن في ذلك الخير العميم لأمة تؤمن بأن العلم والتعلم يأتي في أولويات الحياة، ولنا أسوة في ما قيل في الأثر (أطلب العلم من المهد إلى اللحد)، وحث على مواصلة السير في العلم، وقيل (أطلب العلم ولو كان في الصين). المهم في الأمر أنه لن يرقى أي شعب من شعوب العالم إلا بالعلم والذي من خلاله يكون الفرد نافعاً لأمته يستطيع الدفاع عنها بقوة العلم الذي يعد أهم سلاح يستخدم في وجه التخلف والاتكالية، وكذلك ردع كل من يحاول التطاول على المكتسبات والحضارة والوجود. وحتى لا نكون خارج دائرة حضارة الأمم وتقدمها علينا أن نوجد أجيالاً مدربة متعلمة تنصهر في خدمة الوطن وحمايته من الأعداء الذين يجب أن نفوت عليهم كل الفرص التي يتمنونها، لأنهم - وكما يعلم الجميع - لا يريدون لهذا الوطن الخير. إن وطننا الذي نستظل بظل عطائه ونعيش في ربوعه آمنين مكرمين أعطانا كل شيء وعلينا أن نرد الجميل، وأن نتسابق لنكون درعاً له نحمي مقدساته ونصون محصناته، وأن تكون أقوالنا مدعومة بأفعالنا. نعم نحن أمة تملك القيم وتملك الفضائل، وهذا من فضل الله علينا، وما الذي يمنعنا أن نمتلك كل وسائل التقدم الصناعي وأن نمتلك علم الإدارة والاستثمار في عقول الشباب لنصل إلى المكانة التي تؤهلنا للوصول إلى العالم المتقدم علمياً وصناعياً وفكرياً. ويحق لنا السؤال هل يعي المواطن السعودي أهمية الاختراع؟ إن غداً لناظره لقريب، والله المستعان.