د.علي القرني
ما الذي يفرقنا عن مدن ودول أخرى على صعيد التنمية، سواء كانت هذه المدن والدول في محيطنا الإقليمي أو الدولي؟ سؤال مهم جداً يجعلنا نفكر ملياً عن أسباب عدم انتظام الكمال في مشروعاتنا، ولماذا نفتقد اللمسة الأخيرة في مشروعاتنا؟.. فإذا نظرنا إلى البنية التحتية التي تمتلكها المملكة العربية السعودية في مختلف مدنها ومناطقها، نجد أنها حققت نجاحات كبيرة جداً خلال العقود الماضية سواء طرق أو مطارات أو حدائق أو جامعات ومدارس وغيرها من المشروعات.
وتمتلك المملكة الكثير من مشروعات التنمية في مختلف المجالات استثمرتها الدولة في خططها التنموية، وتتصدر المملكة دول العالم النامي في مجموع المشروعات التنموية التي تحققت ولله الحمد. وقد جنى المواطن ثمار هذه المشروعات فهو يعيشها ويشاهدها ويتابعها حوله وفي كل مكان من بلادنا. وهذه المشروعات شكلت تقدماً كبيراً في الحياة العامة في المملكة، وسجلت هذه المشروعات بنية تحتية على مستوى عالي في الإنجاز، خدمت المواطن والمقيم والزائر.
ولكن نلاحظ أن هذه اللوحات تجد ما يخدشها من عدم اكتمال البنية العامة للتطوير والإنشاء، حيث دائماً يتبقى ملمح ناقص، أو خدمة ناقصة، أو معلومة ناقصة، أو أداء ناقص في مجمل هذه المشروعات، أو يظهر خلل فني، أو خطأ بشري في المنتج أو الخدمة.. وهذه النواقص والملاحظات تشوه الوجه العام لمثل هذه المشروعات، وتعيق تلقيها بالطريقة المناسبة لمستخدمي ومستهلكي ومتابعي ومعايشي هذه المشروعات.
وربما من المفيد أن أسوق نماذج فقط من هذه النواقص التي تشوه صور مجتمعنا وتؤثر على مخرجاته النهائية:
1 - أبها هي المدينة السياحية الأولى في المملكة وتتميز بطقس رائع جداً على مدار العام، وخاصة في الصيف الذي تلتهب فيه مدن أخرى في المملكة وفي المنطقة، يكون فيها طقس جميل بارد، ويشفع لها ارتفاعها إلى حوالي الفين وستمائة متر فوق سطح البحر، ولكن لا يوجد شركات ليموزين تخدم السائح وحتى المواطن والمقيم، وربما توجد شركات متواضعة في الخدمة والجاهزية والنوعية، ولكن أبها كعاصمة السياحة العربية لعام 2017م، أي بعد حوالي ثلاثة أشهر من الآن لن يرضى عنها السائح إذا لم تقدم هكذا خدمة يحتاجها السياح والمواطنون والمقيمون.. هناك نواقص آخر في مدينة ابها كالفنادق والمنتجعات وغيرها ولكن هذا مظهر ملفت للنظر من أول لحظة يخرج فيها السائح من مطار أبها الإقليمي.
2 - الصالة الخامسة التي تم افتتاحها في مطار الملك خالد بأبها مؤخراً تعد من الصالات الكبرى في مطارات المملكة، وتعكس بنية تحتية ممتازة وبها بوابات مباشرة إلى الطائرات، ومساحات واسعة جداً، ولكن يشوه هذا المنظر عدم انتظام الباصات التي تربط بين هذه الصالة وباقي صالات المطار، فالراكب الذي يريد أن يتنقل بين هذه الصالة وباقي الصالات أو العكس سيضطر إلى التاخر أحياناً عن رحلته دون أن تصل خدمة هذه الباصات، والتي يفترض أن يكون لها مكان مخصص ولوحات إرشادية بمواعيد وصولها ومغادرتها. فهذه صورة ناقصة في مشهد جمالي كبير.
3 - مبنى حكومي أو خاص في وزارة أو هيئة أو حتى حديقة عامة أو استراحة طريق تشكل نماذج جميلة ومظاهر تطور وبناء وتنمية، ولكن ربما يشوه هذه المظاهر افتقاد للنظافة اليومية للمبنى أو حتى افتقاد نظافة دورات المياه، نتيجة عدم وجود عمالة مخصصة لمثل هذه الخدمات، وهذا المنظر يشوه كامل الجهود التي تبذلها الدولة أو القطاع الخاص.
وهناك أمثلة كثيرة جميعها تصب في عدم اكتمال منظومة المشروعات، وحتى لو كانت البينة التحتية متميزة تبقى نواقص الصيانة واضحة، وبرامج الخدمة منقوصة، وهذا ما يسيء إلى الوجه الجمالي لهذه المشروعات.