أحمد محمد الطويان
في السياسة لا مكان لمن يريد العزلة، ولا مكان أيضاً لمن لا يتمتع بالرشاقة التامة واللياقة الكافية لابتكار الحلول، ولخلق واقع سياسي لتجنب أزمة أو للخروج منها.. ومن لا يؤمن بالمصالح لا يصلح للسياسة، ومن لا يتحرك بذكاء ويفرض هيبته وقوته، سينتهي أو يبقى في الهامش بعيداً عن التأثير.
من يتابع الرحلات التي قام بها ولي ولي العهد مؤخراً، سيلحظ صورة جديدة، ولغة مختلفة، وتجديد للعلاقات مع دول مهمة في العالم، سمعت من السعودية لغة جديدة وطريقة جديدة لتوطيد العلاقات وتعميقها، الكل معنا ونحن مع الجميع، ولكن وفق رؤيتنا وتصورنا للعلاقة، فلا أحد يفرض علينا ملفاته، ولن نقحم الآخرين في ما يشعرون بأنه لا يوافق مصالحهم.
نعم إنها السعودية الجديدة بهدوء عاصف تتحول إلى مركز الاهتمام العالمي، لا تقاليد جديدة، فالماضي أعطى هذه الدولة رسوخاً في السياسة، ولكننا نعيش مرحلة عصرنة التقاليد.. الأمير محمد بن سلمان في هانغجو الصينية قابله القادة بانفتاح كبير، واحترام للدولة ولشخصيته وللرؤية الوطنية التي قادها، مثّل الدولة بشعبها ونظامها السياسي وطموحها الاقتصادي بالشكل الذي جعلنا جميعاً حاضرين في طاولة الكبار بشموخنا وسمونا وعزيمتنا التي لا تخفت.
هذه الدولة تسير اليوم في الطريق الذي يتوقع الجميع بأنه الصحيح لتحقيق مصالحها. إنه البناء المستمر، منذ الالتفاتة الأولى للتنمية في الستينات، وحتى عهدي الملك فهد -رحمه الله- والملك عبدالله -رحمه الله- ومن ثم انطلاقة جديدة، في عهد الملك سلمان -حفظه الله-. وهو التجديد الإيجابي لتبقى المملكة أكثر قوة وثباتاً داخلياً وخارجياً.. في الستينات كانت الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية قاسية، والتحديات كبيرة وتجاوزتها السعودية بنجاح كبير، واليوم بعد 50 عاماً أعادت المملكة شبابها وجددت روحها، لتتعامل مع تحديات كبرت وملفات تضخمت.. الملك سلمان أعطى التنمية والأمن والسياسة الخارجية كل اهتمامه، فالعمل الأمني بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن نايف يحقق نجاحات ملموسة ويحمي مكتسباتنا ومواردنا وكياننا، وكذلك إشرافه على العمل السياسي من خلال مجلس الشؤون السياسية والأمنية الذي يرأسه ويحقق أعلى درجات التنسيق والإنتاجية في معالجة الملفات المتصلة به، وهو عمل لا يمكن عزله عن المجهود الاقتصادي والتنموي الذي يقوده ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إنه العمل التكاملي المتناغم لتحقيق نتائج إيجابية.
قوتنا في الداخل والخارج تجعل العالم ينظر إلينا بإعجاب وثقة، وهم يعلمون بأن هذه الدولة تتجدد دمائها وبقيادة تحظى بالشعبية والدعم الكامل من كل قطاعات شعبها، وتضمن الاستمرارية والديمومة.
والأعداء القريبين وعلى رأسهم النظام الإيراني متوجسين من الحراك السياسي المتقدم الذي نقوم به، ومن يقرأ السياسة السعودية جيداً يعرف تمام المعرفة أن الشمس لم تظهر في كامل قرصها بعد.. وتبشرهم الرياض بمزيد من التوجس.