عثمان أبوبكر مالي
استقبل الرياضيون في كل أنحاء المملكة صباح يوم الخميس الماضي بحزن كبير؛ وذلك بعد أن انتشر خبر وفاة رئيس نادي الاتحاد أحمد عمر مسعود، ورحيله عن حياتنا الفانية، بعد أن أمضى (وهو في عمر سبعة وسبعين عامًا) سبعين يومًا فقط من رحلة تكليفه لمدة عام رئيسًا لنادي الاتحاد.
التقط أبو عمر أنفاسه الأخيرة في إسطنبول بعد أن توضأ إثر آلام (مفاجئة)، شعر بها؛ واستدعى بعض مرافقيه؛ ليأخذوه إلى الإسعاف، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة كانت آخر كلمة قالها (قل لهم يسامحوني).
مات الرجل الوقور الطيب، الذي عاد إلى كرسي الرئاسة الساخنة للمرة الثالثة في تاريخه، بعد ابتعاده ستة عشر عامًا، قبل أن يكمل آماله وأحلامه ورغباته الرياضية في المهمة العسيرة المستحيلة التي كُلّف بها، لكن رغباته لا يجب أن تتوقف، وأحلامه لا يجب أن تموت، وأمنياته يُفترض أن تتم، خاصة أنها (وصيته) لرفقائه من الإداريين المختارين في مجلس إدارته ومحبيه من الاتحاديين.
لم يكن أحمد مسعود رياضيًّا عاديًّا، ولا رئيسًا عابرًا، وإنما هو رياضي مؤسس، منذ أن بدأ الرياضة لاعبًا، ورئيسًا منتجًا في كل فترات تبوُّئه المنصب، وقبلها وهو ينضم إلى مجلس الإدارة عضوًا ونائبًا؛ ولهذا أطلقت عليه ـ يرحمه الله ـ لقب (فخامة الرئيس)، وقد كان كذلك بالفعل بكل ما في الكلمة من معنى.
كان - يرحمه الله - طوال مسيرته التي خدم فيها الرياضة والشباب في المملكة من خلال نادي الاتحاد، ومن خلال اللجان الرياضية الخاصة التي ترأسها لمهام محددة في النادي، أو اللجان العامة التي كان عضوًا فيها، وأهمها (لجنة دراسة وتطوير الوضع الرياضي والشبابي في المملكة)، التي شُكلت في منتصف عام 2002م، وكان عضوًا في لجنة (دراسة وتطوير كرة القدم التي ترأسها الشيخ إبراهيم أفندي).. كان رجلاً نشطًا وعمليًّا، ومشهودًا له بالصدق والوضوح والنضج الرياضي وتقديم (المصلحة العامة) على ما سواها، والعمل بعيدًا عن الأضواء وبحرص على روح الفريق الواحد.
ولم يكن العمل الرياضي هو وحده ما عُرف به وقدمه، وإنما مشهود له بالإسهام والمشاركة في الأعمال الخيرية وواجبات المسؤولية الاجتماعية. ويكفي أنه أحد المؤسسين لجمعية البر الخيرية بجدة (عام 1402هـ)، وأول من تولى رئاسة مجلس إدارتها، ولم يتوقف إسهامه معها ودعمها حتى وفاته.
يُعتبر - غفر الله له - فقيد الرياضة والرياضيين، وقد نعته المملكة عن بكرة أبيها، وبكاه الرياضيون وغيرهم، وحل السواد الحالك طوال أيام العزاء في كل أنحاء مدينة جدة، بعد دفنه في البقيع. وهنا أقدم دعوة لمعالي أمين محافظ جدة بأن يتم تكريم الرجل بإطلاق اسمه على أحد الشوارع الرئيسة فيها القريبة من النادي، أو من منزله، تخليدًا لذكراه، نظير ما قدمه لبلده ومدينته التي قضى نحبه من أجلها.
كلام مشفر
- لا نملك إلا أن نقول: رحمك الله يا أبا عمر، وأحسن مثواك، وأسكنك فسيح جناته، وألهم ذويك وأصدقاءك ومحبيك ومعارفك الصبر والسلوان {إنا لله وإنا إليه راجعون}.
- إذا كان الشيخ الوقور الشهم قد مات فإن أمانيه وأحلامه لا يجب أن تموت ولا تتوقف، والمسؤولية التي قَبِلها وتحمَّلها، واختار لها (نخبة) من الإداريين الذين يثق بهم، وتأمل منهم مساعدته والإسهام معه في قيادة السفينة، تزداد اليوم، وتزداد مسؤولياتهم، وتتضاعف واجباتهم.
- ننتظر أن تكبر همتهم، وتتضاعف جهودهم في سبيل تحقيق الأهداف الكبيرة التي كان يخطط لها، والتي رسمها ووضعها نصب عينيه بمعيتهم وفي حضورهم ومشاركتهم، ووفق السياسة التي انتهجها وسار عليها، وهم أكثر الناس علمًا ودراية بها.
- دعم كبير قدمته هيئة الرياضة للاتحاديين وإدارة المسعود بقرار تنصيب المهندس حاتم باعشن رئيسًا؛ مما يعني استمرارية الإدارة، ودعم أعضاء المجلس خطواتهم بترقية الأمين العام للنادي (عمر مسعود) ليصبح نائبًا للرئيس، واختيار الخبير د. توفيق رحيمي أمينًا عامًّا للنادي.
- وخطوات الاستمرارية لا تقف عند إعادة صياغة مجلس الإدارة، وإنما تنتظر التأييد من الجماهير الاتحادية الواسعة والدعم اللامشروط، وأيضًا استمرار الدعم الكبير (الموعود) الذي جاء به ومن أجله الفقيد -غفر الله له -.
- وفي هذا الجانب تتجه الأنظار إلى (التكتل) الداعم، وقد كان السند القوي والكبير بعد الله سبحانه وتعالى للإدارة حتى قبل تشكيلها، ويثق الاتحاديون بأنه سيستمر ويواصل وقفته كما كان بل أكثر؛ لأن أهدافه وإن اختارت الأشخاص تتجاوز الأسماء، وهدفها الأول والرئيس الكيان الكبير. وفق الله الجميع.