تمثل مشاركة المملكة في قمة العشرين بالصين برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان انطلاقة قوية للمملكة نحو الاقتصادات الكبري التي تقود عالم اليوم، وقوة دفع قوية للاقتصاد السعودي الذي يحقق معدلات نمو استثنائية وضعته في قائمة أهم اقتصادات العالم.
ويحظى حضور ولي ولي العهد قمة العشرين بأهمية كبيرة كونه صاحب رؤية المملكة2030 التي دشنت، لعهد جديد، وحولت مسار الاقتصاد السعودي بعيدا عن الاعتماد على النفط إلى توطين الصناعات وجذب الاستثمارات، والتحول إلى دولة منتجة وليست مستهلكة، وهو التحدي الأكبر أمام طموحات وطن يتشكّل على واقع الاقتصاد العالمي الجديد مؤثراً فيه ومتأثراً به، ويبني علاقاته مع الأقوياء، ويكون حاضراً بينهم، ومتواصلاً معهم، ويحظى بثقتهم.
كما تحظى المملكة بتقدير عالمي، وثقل اقتصادي، وعلاقات ممتدة على خارطة هذا العالم، ومع ذلك لم تنحاز إلى مصالحها على حساب مبادئها، بل تجمع بينهما في مهمة نهوض جديدة مع عالم مختلف، ومتعدد الأقطاب، والتوجهات؛ فهي تتحدث إلى أكبر عشرين اقتصاد في العالم ليس كعضو فقط، وإنما كقوة مؤثرة في صناعة القرار، وصوتاً أميناً لمصالح المنطقة العربية، ونزيهاً في ترجمة حضورها بما يليق بمكانتها وإمكاناتها.
وكان الملك سلمان في قمة أنطاليا التركية العام الماضي قال في كلمته التي وجدت صدى كبيراً، قائلاً: «إن عدم الاستقرار السياسي والأمني معيق لجهودنا في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي»، وهذه الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع دولا ومنظمات؛ فلا يمكن أن يكون هناك نمو اقتصادي ونيران الحرب مشتعلة في أكثر من مكان، ولا يمكن أن يكون هناك استقرار سياسي يجذب رؤوس الأموال والإرهاب الأجير يضرب في كل مكان، مدعوماً من قوى دولية، وتدخلاً سافراً من دول ترعى الإرهاب ومليشياته.
وعلى هذا الأساس فإن الخطاب السياسي السعودي أمام اجتماعات قمة العشرين دائما يرتكز على أهمية الاستقرار السياسي والأمني قبل الحديث عن أي نمو اقتصادي، والتذكير بقضايا أخرى مهددة لهذا الاستقرار، وأهمها تمويل الإرهاب، وغسل الأموال، وتجارة السلاح والمخدرات، وأعمال القرصنة البحرية، والتجسس والاختراقات الإلكترونية، وجميعها تؤدي إلى حالة فوضى في أي مجتمع، وبالتالي عجزاً اقتصادياً متوقعاً، وسقوطاً سياسياً في أي وقت.
وعلى الرغم من أن الصين ترفع شعار «الابتكار الصناعي والتقني» في هذه القمة لتجاوز العقبات وتقريب وجهات النظر، ومنظمة التجارة العالمية ترفع شعاراً آخر هو «تيسير التجارة» لخفض التكاليف وتوحيد التعريفات عالمياً، فمن الاهمية القاء الضوء علي مراحل تطور الاقتصاد الصيني الذي يحمل تشابهات كثيرة مع الاقتصاد السعودي وجاءت انطلاقتهما متزامنة الي حد ما مع الفروق المتباينة في الحجم والامكانيات، فمنذ تحرير الاقتصاد الصيني عام 1978 نما اقتصادها المعتمد على الاستثمار والتصدير، 70 مرة وأصبح أسرع الاقتصادات نمواً في العالم. ويحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي عند 4.99 ترليون دولار أمريكي، ويبلغ معدل دخل الفرد السنوي في الصين نحو 6100 دولار بينما يقدر حجم القوة العاملة بحوالي 807.7 ملايين نسمة، ويبلغ معدل البطالة نحو 4%. وهو يقترب من متوسط نصيب الفرد في الدول العربية من الناتج المحلي الإجمالي بسعر السوق البالغ 6731 $. ويبلغ حجم الاحتياطات النقدية للصين 2.3 تريليون دولار ووصل معدل نمو الإنتاج الصناعي 10.7%، وتمكن الاقتصاد الصيني في الثلاثين عاما الماضية من تحقيق نمو اقتصادي مطرد واستطاع التحول من المركزية المحلية ليصبح أكثر انفتاحا على العالم ويعتمد على التجارة الدولية.
طورت الصين برنامجها النووي. وكان إطلاق القمر الصناعي نتيجة طبيعية لهذا الأمر، فأطلقت أول قمر صناعي صيني في عام 1970. وأصبحت خامس دولة تطلق قمرًا صناعيًا بشكل مستقل. وثالث دولة ترسل رحلة مأهولة بالإنسان إلى الفضاء. وثالث دولة لديها القدرة على إجراء عملية سير في الفضاء.
وتمتلك الصين ثاني أكبر ميزانية للبحوث والتنمية في العالم، ويقدر أنها استثمرت أكثر من 136 مليار دولار في هذا المجال في عام 2006. فانتقلت من اقتصاد قائم على التصنيع إلى اقتصاد يقوم على الابتكار، وبدأت زيادات كبيرة في تمويل البحوث. ويوجد في الصين نحو 926,000 من الباحثين (تسبقها فقط الولايات المتحدة بنحو 1.3 مليون).
كما يوجد في الصين أكبر عدد من مستخدمي الهاتف المحمول في العالم. بأكثر من 700 مليون (في شهر يوليو سنة 2009). ولديها أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت في العالم.
وتحتل الصين المرتبة 29 في مؤشر التنافسية العالمية. وأربعة من أكبر عشرة شركات في العالم هي شركات صينية. منها الأولى عالمياً شركة بتروتشاينا (أغنى شركة نفط في العالم)، وفي المرتبة الثالثة البنك الصناعي والتجاري الصيني (أغنى بنوك العالم من حيث القيمة) وفي المرتبة الخامسة تشاينا موبايل (أكثر الشركات العالمية للاتصالات قيمة) وفي المرتبة السابعة تشاينا كونستركشن بنك.
صارت الصين المستهلك الأكبر في العالم للطاقة، وتعتمد على الفحم في حوالي70% من احتياجاتها من الطاقة.