«الجزيرة» - راكان المغيري:
أضحى الطبخ المنزلي الذي يقدمنه السيدات السعوديات للبيع، منافساً قوياً يهدد بسحب البساط من أشهر المطاعم في السعودية، بعدما أصبح يشهد إقبالاً متزايداً من الناس على الشراء.
وفيما لا يملكن طباخات المنازل تراخيص رسمية تضعها تحت الرقابة البلدية من حيث الجودة والنظافة على غرار ما هو مطبق في المطاعم العادية، حيث تنشط منتجاتهن بشكل لافت في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك في بعض المجمعات التجارية ومواقع المهرجانات والمناسبات، حيث نجحت نجاحا باهرا في كسب رضا الناس وتلبية احتياجاتهم خاصة من فئة العزاب وكذلك الموظفات اللاتي ليس لديهن الوقت الكافي للقيام بالطبخ للأسرة، وساهمت بشكل كبير في إيجاد دخل ومورد مالي للسيدات اللاتي لم يجدن وظائف للإنفاق على أسرهن.
لماذا حقق الطبخ المنزلي هذا النجاح؟ وما المشكلات التي تواجهها السيدات القائمات على هذا النشاط؟ وكيف ينظر الناس لهذا النوع من الطعام؟ أسئلة طرحتها «الجزيرة» على صاحبات مطابخ منزلية، وأخذت رأي من يتناول تلك الوجبات، ودور البلديات في الإشراف وتنظيم هذا النشاط. إلى التفاصيل:
تتحدث حنان العامر الفائزة بجائرة الأميرة صيته بنت عبدالعزيز لأفضل أكل شعبي في مدينة الرياض أن الإقبال يتزايد على منافذ بيع مطابخ المنازل من قبل العوائل والعزاب، مشيرة إلى أنها تروج لمطبخها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأن قيمة الطلبات ترتفع تبعاً لارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث أنه من الطبيعي أن ارتفاع أسعار المنتجات المستخدمة في الغذاء تسهم في رفع القيمة.
40 ألف ريال شهريا
وتفيد العامر أن الرقابة في المطابخ المنزلية ذاتية ولا تخضع لأي تصاريح رسمية، فهي تقول: «نعمل على رقابة منتجاتنا بأنفسنا للمحافظة على عملائنا ونعمل استطلاعاً وقياس مدى الرضا من قبلهم لذلك فإننا نعمل على اختيار مكونات الأكل بأعلى جودة».
وبينت العامر أنها تعمل بإدارة فريق مكون من 5 سيدات بينهن سعوديتان قامت بتوظيفهن لمساعدتها مقابل نسبة، وعاملات من جنسيات أجنبية وسيارات نقل مستقلة تم الاتفاق معها بمشاوير يتم دفعها من قبل العملاء، مؤكدة أن دخلها الشهري يتجاوز 40 ألف ريال.
وأوضحت العامر أنها تعمل على تقديم الوجبات للجمعيات الخيرية وللأيتام التابعين لوزارة التنمية الاجتماعية على مدار العام، وأن ذلك حقق لها انتشاراًَ وسط الجهات الرسمية التي تتسابق لجلب منتجاتها في مناسباتها الرسمية. وفيما يتعلق بأبرز المعوقات التي تواجهها، تشير العامر إلى أن أكبر عائق هو عدم المصداقية من قبل البعض، حيث لا يلتزمون بالاتفاق ويقومون بإلغاء الطلبات بعد تجهيزها، وهذا الأمر يدفعها للتخلص من الوجبات من خلال تقديمها لبعض العائلات الفقيرة ومشاريع فائض النعمة.
جلب الزبائن
من جانب آخر، ذكرت لنا السيدة مريم حسن المودماني ـ وهي طباخة منزلية ـ أنها طرقت أبواب عدة جهات حكومية للحصول على تصاريح لنشاطها إلا أنها لم تجد جهة تمنحها ذلك «توجهت للبلديات وللأمانة وللتجارة لكن دون جدوى.
وتقوم المودماني حاليا بالتسويق لمنتجاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «انستقرام» و»سناب شات»، معتبرة أن ذلك أفضل طريقة للتسويق حاليا، وأكثر ربحا من فتح محل تجاري لعرض المنتجات، مشيرة إلى أن معظم زبائنها من أوساط الموظفات والعزاب «لدينا طلبات من الموظفات والعزاب بشكل أكبر من غيرهم من فئات المجتمع الأخرى، وذلك لا يعني عدم الإقبال من غيرهم ولكن بنسبة أقل».
سوق الأكل الإلكتروني
وأوضحت أم علي وهي تحمل شهادة جامعية أن بداية فكرتها في اقتحام هذا السوق جاءت نتيجة الفراغ الذي تعانيه وحبها للعمل في المطبخ، وهي تعمل من خلال فريق مكون من 3 سيدات، فيما أسمته سوق الأكل الإلكتروني». وقالت: «تغلبت من خلال هذا المشروع على البطالة بما يسد احتياجنا واحتياج أسرنا. وبينت أم علي التي تعمل على إيصال إنتاج مطبخها لجميع أحياء العاصمة الرياض أن المشروع لا يحتاج رأسمال كبير يقف حجرة عثرة أمام المبتدئين. وأضافت: «مواقع التواصل الاجتماعي من خلال عرض صور منتجاتنا تجلب لنا العديد من الزبائن وبعد وصول طلباتهم يتم التعامل معنا بشكل دائم، ونحرص على النظافة وجودة المنتج وطريقة التقديم الذي يكلفنا قليلاً إلا أن ذلك يجلب لنا العديد من الراغبين بالجودة والطعم المنزلي الذي ينافس شعارات تجارية عالمية».
زيادة الأسعار ضريبة الجودة والنظافة
وتحدث ضيف الله الغنامي ـ أحد المهتمين بشراء الطبخ المنزلي ـ أن طباخات المنازل نافسن المطاعم من حيث الأسعار وتغلبن بطعم وهوية المنازل، كم أنه لديهن قائمة مأكولات شعبية لا توجد في أشهر المطاعم، وأيضا طعم ما يقدمن أفضل بكثير مما نحصل عليه من عمل العمالة في المطاعم، مبينا أن الأسعار تتجاوز أسعار المطاعم بنسبة 30 في المائة إلا أنه اعتبرها ضريبة جودة الأكل والنظافة التي يتفوقن بها.
زبائننا موظفات
وذكرت مها الميمان ـ من المتعاملات مع طبخ المنازل ـ أنها تفضل طلب غذائها من قبل الطباخات المنزليات لاحترافية عملهن والتفنن في تحضير الطلبات وزيادة الكميات بسعر رمزي مقارنة بأسعار المطاعم.
وتؤكد الميمان أنها قامت قبل البدء في التعامل معهن بزيارتهن في منازلهن ووجدت نظافة شبيهة بمطبخ بيتها ما دفعها إلى التعامل معهن بشكل دائم، وتبرر الميمان سبب لجوئها للشراء من الطبخ المنزلي بالقول: «أجبرني على ذلك طبيعة عملي في القطاع المالي الذي يستنزف وقتي دون البدء في إعداد الإفطار ولكن تواجدي في مواقع التواصل الاجتماعي سهل لي مهمة التسلل إلى مطبخ منزلي لم أثق في التعامل معه إلا بعد زيارتي لسيدته في منزلها».
خدمة التوصيل
من جانبه ذكر مرشد المرشود ـ من المهتمين في الشراء من أغذية المطابخ المنزلية ـ أنه بدأ بالتعامل مع بائعات المنازل منذ 3 أعوام ولم يصادف إشكاليات مع التعامل معهن إلا أنه طالب بالاستفادة من تجاربهن ومنحهن تصاريح رسمية تجعل التعامل معهن أيسر ويجعل المتعامل معهن يشعر بثقته فيهن.
وقال المرشود إن العائق الوحيد هو ارتفاع أسعار توصيل هذا الغذاء الذي في الغالب يكون ناقليه من العمالة الأجنبية التي تستغل أوقات الذروة في رفع أسعار التوصيل إلى 30 ريال، وبالتالي يرتفع سعر الوجبات على المشتري.
أمانة الرياض ترد
وعلى الجانب الرسمي ردت صحة البيئة في أمانة منطقة الرياض، بعدم سيطرتها على بائعات مطابخ المنازل من حيث الرقابة على النظافة، لكنها أكدت على منحهن تصاريح لممارسة هذا النشاط خلال المشاركة في مهرجان الأسر المنتجة التي تكون صلاحيتها شهراً واحدا. وأن الأمانة لا تستطيع السيطرة على هذه المشاريع أو مخالفتها في الوقت الراهن.
وأوضح الدكتور فلاح الدوسري مدير عام صحة البيئة في أمانة الرياض، أن لا يوجد نظام لدى الأمانة يسمح بمنح تصاريح لهذه المطابخ المنزلية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هناك لجنة بين وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة التجارة والاستثمار، لوضع ضوابط لهذه المشاريع المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي. وقال: «التجارة» لديها الآن توجه لتسجيل المشاريع الإلكترونية ويمكنهن الاستفادة من هذه الفرصة التي تتيح لهن النظامية».