د. خيرية السقاف
كنت أقول لها وقد اعتادت على الحج في كل عام أنني أرى بأن من يحج كل عام يضيِّق على الحجيج، ويحرمهم متعة الفسحة، وسرور البراح، أما لو أن جميع أهل البلاد الذين تكرر حجهم، وعمرتهم، يتركون لهم المكان لوجه الله، وينصرفون للتعبد في وجوه أخرى لخف الزحام، ولتمكن الأمن من أداء واجبهم بانسيابية، ويسر، وكذلك هم.
لكنهم يصرون على الحج كل عام أو يفوِّتون عاما بين جملة أعوام، وقد بلغ الأمر بفئة مستفيدة من الموسم لأن يتحايل أفرادها على النظام، بأن يسعوا للحج بطرق غير نظامية،..
كما أن هناك من يساعد الحملات الوهمية لأن تحقق مبتغاها مما يضاعف جهد المجتهدين من مؤسسات أمنية ورقابية وإشرافية، ناهيك عن هدر الوقت في تعقب هذه الفئات لضمان حج يخلو من عواقب الازدحام، في المسجد الحرام، والطرقات، والمشاعر..
هناك حكمة إلهية يقرأها كل مسلم يقارن بين عدد مرات الصلاة في اليوم التي كادت أن تكون خمسين مرة، وبين الحج الذي فرض على من يستطيعه مرة في العمر.. ويقارن ليس بين المكان، والمشاعر، ولا بين الزمان والتنقل، ولا بين العافية والمقدرة، ولا بين الإنفاق والإمكان، بل بين عدد القاصدين الحج من كل أنحاء الدنيا، وكل الذي يحتاجون إليه من المكان، والطعام، والنقل، والإيواء، والتحرك لأداء المناسك بما في ذلك أريحية المواطنين، وأي مسلم قد حج واعتمر من قبل...!
قلت لها هذا.. وأعلم أنه ليس قولي وحدي، إنما هو منطق الحقيقة التي لابد أن يدركها « أهل البلاد» أولاً، وأي مسلم قد أدى فريضة الحج من قبل..
ولعل هذه الحقيقة تجري أيضا على موسم رمضان، والإجازات التي يقبل فيها أغلب الناس لينزلوا فيها بمكة قرب البيت الحرام، دون اعتبار لمن يريد أن يتعبد في هدوء، وخشوع لا يمكنه منهما تكدس الكتل البشرية يحاذي كتفٌ كتفا، وتتصادم الأقدام ...!!