عبده الأسمري
تمثل عقد النقص مشكلة أزلية وظاهرة هزلية في أي مجتمع وتنعكس على ضوئها مئات السلبيات التي تجعلنا أمام عمق مشكلة ستلقي بظلالها السلبية على حاضرنا ومستقبلنا. رأينا الهياط يجتاح المجتمع قبل فترة ولولا الاستهجان الشعبي ورفع مبدأ العقوبة لرأينا مقاطع جديدة يندى لها الجبين من متخلفين وناقصين يحاولون إيجاد ذواتهم الغائبة بنقص العلم المتغيبة بقلة الوعي للهياط من أجل الظهور المؤدلج من دواخلهم المريضة.
الهياط وما سبقه وخلفه من مقاطع مضحكة وجنونية وساخرة وحتى فاضحة بحثا عن الشهرة ما هي إلا نتاج حماقة وجدت من يصفق لها من الأغبياء وصناع الحماقة بحثا عن إشباع غرور أنفس اجتاحتها عقد النقص وسيطرت عليها ويلات التخلف وأرهقتها موجات الغباء المستحكم الذي سيطرت على عقولهم.
لم نعد نرى الإبداع والمعرفة إلا نادرا وإن تمت مشاهدتها كان التصفيق لها منخفضا مقارنة بمهابيل يتراقصون في البر أو مساطيل يتمتمون بأشعار تافهة في استراحة أو سفهاء يصورون خبالهم وغيهم أمام الملأ.
وسائل التواصل الاجتماعي عرت الأدمغة وكشفت المأجورين وأوضحت خفايا الغباء الاجتماعي الذي سيطر على فئة «متخلفة» حولت حياتهم إلى «سخرية» مجانية أمام الجميع وجمعت من حولهم مصفقين لا يقلون غباء عنهم مما جعلهم تلامذة بلداء في مدرسة «السفاهة والبلاهة».
شباب مبدعون وصلوا إلى مستوى العباقرة لم يجدوا التصفيق والتشجيع وهم يروجون للعلم والإبداع المعرفي وأذهلوا العالم باختراعاتهم وأمجادهم التي هي أمجاد وطن وإبداع أمة في حين أن من يصنعون الحماقة يجدون صفوف المصفقين وطوابير المشجعين.
المسألة تعكس وجها بائسا يوظف صناعة الحماقة وترويج السفاهة الأمر الذي يشكل مؤشرا خطيرا ومنعطفا أخطر في الفكر المجتمعي.
الظاهرة تشكلت بتفاصيل مرعبة كان لها جذور فمنذ أن كان الشباب المراهقين يقتحمون الملاعب وسط المباريات باحثين عن الشهرة ورهان التحدي مرورا بجمع من عشاق البراري المتوحشين الذين كانوا يقتلون الحيوانات الأليفة ويعقلونها وينكلون بها ويصورونها أو آباء يجمعون أطفالهم لتقديمهم مادة للطرافة والسخرية وانتهاء بمقاطع «السخف» و»البلاهة» التي باتت شغل الحمقى بحثا عن صفوف من الأغبياء يصفقون وراءهم كانت عبر مراحل ويا خوفي ورعبي مما سيؤول إليه المجتمع جراء ذلك خصوصا أن هذه الحماقات ملأت العقول قبل الأجهزة الذكية. أتمنى أن يوضع حد لهذه المهازل التي باتت وللأسف عناوين للسخرية من الآخرين أما المخترعين والمبدعين والمتميزين فعزاؤهم أن منظمات العالم كلها التي تكرمهم وتتوجهم بينما يقدمون أرض الوطن كأنهم عابري سبيل أو ضيوف بينما «شلل التخلف» تمارس تشويه صورتنا المثلى وتعمل على تقتيم «الصورة البيضاء للمجتمع» لدينا بأمور مخجلة. كما أتمنى وضع حد لأركان الهياط الذي أغرق المجتمع بنكران النعم وسترنا الله من سوء أعمالهم أن يوضع حد لهؤلاء الحمقى ومن يشد على أيديهم وأن يلاحقوا ويعاقبوا حتى لا تنتشر الحماقة والسفاهة لتسلب من مجتمعنا عناوين الرقي والحضارة والوعي.