عبدالحفيظ الشمري
كل الأنظار تتجه صوب مهبط الوحي.. عمق الكون «مكة المكرمة»، وكل القلوب تهفو إلى مشاعرها، وشعابها، وجبالها، على نحو مشعر منى، ويوم التروية، والوقوف على صعيد عرفات، والنفرة نحو مزدلفة، وما يليها من أركان ومواضع؛ يتحلّل فيها الحاج بعد أن يكمل نسكه بالصلاة والطواف في بيت الله الحرام، عسى أن يمنَّ الله عليه بالثواب والمغفرة.
وفي هذه الأيام المباركة لا شك أن العالم أجمع يتأمل هذه المناسبة، ويشاهد باهتمام بالغ حجم هذا الحدث الإنساني الفريد، لتهفو القلوب، وتتجه العيون نحو مكة المكرمة، ومشاعرها المقدسة، وحرمها العتيق حينما يغص بالمصلين والحجاج الذين قدموا من كل مكان في العالم لأداء هذا الركن المهم من أركان الدين الإسلامي.
فمشهد كهذا لا بد أن يعكس حالة روحانية، وأبعاداً معنوية عميقة؛ تؤكّد أن مكة المكرمة، ومقدساتها الشريفة هي عمق الكون، ومهوى أفئدة المسلمين؛ حيث تسعى الجهات المعنية بشؤون الحج بمختلف أدوارها ووظائفها إلى تقديم أفضل الخدمات والجهود، خدمة لهؤلاء الضيوف.
فمكة ومنذ الأزل هي محط أنظار البشر منذ سيدنا إبراهيم وأهله إلى رسول الأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ حينما قامت رسالة الإسلام بتعميق هذه الصورة العظيمة لهذا المكان حتى يومنا هذا، ولا أجل من ذلك ولا أنبل سوى رشفات من ماء زمزم في بيته الحرام.
فلا يخلو أي حديث، أو تقرير أو مقابلة من خلال وسائل الإعلام إلا ويتناول هذه المناسبة العظيمة، ويثني على هذه الجهود الكبيرة التي يقوم فيها الوطن وأبناؤه خدمة لضيوف الرحمان، إلا أن مكة وأهلها عادة ما يكونون بحجم هذه المسؤولية دائماً ليستقبلوا ضيوف بيت الله بكل بشر وسعادة، من أجل أن تتم هذه الشعائر المباركة بيسر وسهولة، وأن تكون الجهود مثمرة وخيرة.
وبما أن الحج أيام معدودات فإن الجهود فيه تحتاج إلى مضاعفة وتكاتف وتعاون، لأن الكثافة البشرية في هذه المناسبة تبلغ ذروتها، وتحقق أعلى درجات الحضور والتواجد؛ مما يتطلب إدارة نوعية متكاملة، تتقن أعمالها وتؤدي رسالتها العظيمة على أكمل وجه.
فالجانب المعنوي عادة ما يكون ناتجاً من نواتج هذه الجهود والأعمال، حيث تظل مكة المكرمة ومشاعرها المقدسة خالدة في الوجدان، بل هي المؤسسة للبعد الإنساني لهذه التجربة العالمية الفريدة، حيث يتجه الاهتمام لهذه المناسبة، وغالباً ما يثير هذا الجهد الدهشة والإعجاب حينما يروا أبناء المملكة العربية السعودية وهم ينجزون أهم الأعمال بطريقة احترافية لا مثيل لها.