سعد بن عبدالقادر القويعي
ليس غريباً، أن يتزامن صدور قرار الخارجية العراقية في استبدال السفير السعودي في بغداد - الأستاذ - ثامر السبهان، واستبداله بسفير آخر، مع استقبال الخارجية العراقية في اليوم التالي وفداً من جماعة الحوثيين اليمنية المسلحة، في مسألة لا تزال موضع انقسام داخلي لدى اليمنيين أنفسهم، بل وتأييدها لإنشاء ما يُسمى بـ«المجلس السياسي الأعلى»، الذي أنشأه الانقلابيون؛ لتنزلق السياسات العراقية - مرة أخرى - إلى محور الاختلاف مع الدول العربية بلا مبرر، وإنما بفعل أجندات أجنبية، ورؤى، واتجاهات ضيّقة بعيدة عن المصلحة الوطنية العليا.
أظهر القرار العراقي المفاجئ، أن الحكومة لم تجد خارطة الطريق الصحيح لتنفيذه على أرض الواقع، ومن ذلك: أنها لم تظهر أية جدية في التخلص من الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الأزمة العراقية، وذلك بسبب عوامل عدة، منها: التأثيرات، والتجاذبات الموجودة بين بعض القوى السياسية العراقية، والمحيط الإقليمي، - وخصوصاً - بعض دول الجوار، والتي تندرج - كذلك - ضمن مساعي الأصابع المكشوفة للجميع؛ لتخريب علاقات العراق بأشقائه العرب؛ من أجل خدمة مصالح أجنبية، لا تمت بصلة للمصالح الوطنية العراقية.
أيضاً، فقد شكّل القرار المفاجئ انجرار الحكومة العراقية نحو المحور الإيراني، التي تحرص على اللعب منفردة في الساحة العراقية تهجيراً، وتغييراً ديمغرافياً، وهو ما سبّب تصدعاً جديداً في الجبهة الداخلية، بعد أن استجابت لضغوط تمارسها الميليشيات الإرهابية للحشد الشعبي الشيعي، والتي لا يروق لها رؤية عراق وطني بعلاقات عربية مستقرة؛ ولتحكم لغة الشد الطائفي، والتحريض المذهبي إطار هذه العلاقة، والتي لم يحصد منها العراقيون - خلال العقد الماضي - سوى الويلات، والنكبات، والانتكاسات، واحتلالات غاشمة لأرضه، وانتهاكات خطيرة لسيادته.
كان الواجب على الحكومة العراقية أن تنظر إلى مصلحة العراق، ومصلحة أشقائه العرب، وقوة، وحجم، ومكانة المملكة العربية السعودية في العالمين - العربي والإسلامي -، - إضافة - إلى بناء علاقات جديدة تأخذ بنظر الاعتبار واقع العراق المتعدّد، والمتنوّع، وضرورة اتفاق الجميع، وإشراكهم بالعملية السياسية، وتطويرها بما يُحقِّق المصالح المُشترَكة، ويُوفِّر الظروف الإيجابية، والمناخات المساعدة؛ لتحقيق ذلك، بدل أن يدفع العراق - اليوم - ثمناً باهظاً من شرائح مجتمعه بمختلف مذاهبهم، وقومياتهم، ومن أمنه، وثرواته؛ بسبب بعده، وتقاطعه الحاد مع محيطه العربي.