د. ناهد باشطح
فاصلة: (المهم في الثورة هو عدم تحطيم الكثير من الأواني الخزفية)
(هنري لاشفور)
لماذا يقدس الناس الموروث الفقهي؟ خاصة ما يتعلق منه بالمرأة؟
ولماذا تحارب الدعوات المنادية بوضع هذا الموروث على طاولة النقد؟
ولا يختلف النساء في هذه القدسية عن الرجال حتى يصبح عدم لبس الحجاب أو عدم حداد الأرملة جريمة دينية وأخلاقية، بينما تعتبر الغيبة والنميمة بعيدة عن التجريم، وهما أشد إثمًا.
إن مشكلة تعاطي المجتمع مع قضايا المرأة جمود تأطيرها بالماضي، واجتراره في تواتر مقدس دون نقد، حتى أن نقاش رشيد رضا قضايا المرأة في عصرنا لا يختلف عن نقاش ابن أبي الضياف (مواليد 1802) في رسالته عن كتاب أحكام النساء لابن الجوزي في القرن الخامس للهجرة فيما يتعلق بالعلاقة بين الجنسين.
لقد اتحد الموروث الاجتماعي مع العقل الفقهي ليعزز استلاب المرأة في المجتمع، وشارك تغييب النماذج النقدية في فشل معظم الحركات النسوية العربية والإسلامية التي حاولت تفكيك قدسية الموروث الفقهي إلى وعي منفتح تجاه الفقه الإسلامي الصحيح.
إن تفسير النصوص الفقهية الخاصة بالمرأة قام به علماء وهم في النهاية بشر يصيبون ويخطئون، ولا ضرر من النقد لآرائهم ضمن المعايير العلمية دون تطويع الفقه الإسلامي للغة الجندرة.
ما تحتاج إليه المرأة في هذا العصر للخروج من دائرة التهميش أو التحقير ليس سهلاً؛ فقد تراكم المخزون الثقافي في ذهنية المجتمعات العربية حتى صار لا يمكن تفكيك غموضه وإشكالاته إلا عبر علماء يملكون القدرة على قراءة النصوص الفقهية الخاصة بالمرأة متحررين من الثقافة التقليدية، التي لم يأت بها الإسلام إنما أتى بها بعض المسلمين في حِقَب ماضية من التاريخ الإسلامي، الذي تجذر واتخذ من المرأة وحقوقها المشروعة قربانًا لتحقيق المصالح السياسية.
ولا سبيل لإنقاذ مستقبل المرأة إلا بتطوير وعي الجماهير تجاه حقوق المرأة بفعل الآلة الإعلامية التي يمكنها أن تفسح مجالاً للتعامل الموضوعي مع الحضارات المختلفة دون هاجس التغريب الذي أصبح فزاعة يخيف بها المجتمع أي من أفراده قادة التنوير باتجاه قضايا المرأة.