هانغتشو - موفد «الجزيرة» - سعد العجيبان:
يرأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع اليوم الأحد وفد المملكة إلى قمة مجموعة العشرين G20 المنعقدة في مدينة هانغتشو الصينية.
الأمير الشاب محمد بن سلمان يعود للصين بعد أيام قليلة من مغادرتها وبعد زيارة لليابان أنجز خلالها العديد من ملفات تطوير الشراكة الاستراتيجية مع أهم دولتين اقتصاديتين في «الشرق».
أهمية خاصة
وعلى الرغم من أن أهمية مشاركة المملكة في قمة مجموعة العشرين تكمن لما لها من دور إيجابي ومؤثر وثقل نوعي في صياغة الاقتصاد العالمي، إلا أن قمة «هانغتشو»، تكتسب أهمية خاصة من زاوية أخرى، إذ تعزز هذه القمة المنعقدة تحت عنوان «نحو اقتصاد عالمي ابتكاري ونشط ومترابط وشامل»، تعزز الاقتصاد العالمي وتسهم بشكل كبير في تطوير الحوكمة الاقتصادية العالمية.
سابق لعصره
وهنا مربط الفرس «إن صح التعبير».. فالأمير الشاب محمد بن سلمان كان «سابقاً لعصره».. حين أعلن عن برنامجه الجريئ والطموح، في خطة التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030.. وبكل ما تضمنته معالم هذا التحول وتلك الرؤية من برامج وخطط وأهداف، هي في المحصلة النهائية مخرجات توازي إن لم تكن مطابقة لما تدعو إليه قمة مجموعة العشرين الـ 11 في «هانغتشو».
مقاربة بأفكار سعودية
تلك القمة.. التي حُشدت لها الدراسات والتقارير والأبحاث والبرامج، لا تعدو أن تكون مبادراتها وأهدافها، نسخة من أهداف الأمير محمد بن سلمان وما أعلن عنه في برنامجه الطموح.. فجدير بالقول بأن المملكة ومن خلال أميرها الشاب وبرامجه وأفكاره وطموحاته، استطاعت مقاربة القضايا العالمية بمفاهيم وحكمة وأفكار سعودية.
أفكار جديدة
أفكار جديدة سيطرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال ترؤسه لأكثر من 10 اجتماعات خلال القمة، التي يشارك فيها زعماء مجموعة العشرين وثماني ضيوف شرف وقادة سبع منظمات دولية.. ويلقي الرئيس الصيني في تلك الاجتماعات بعض الخطابات، ومنها الكلمة الرئيسية لقمة مجموعة العشرين، التي يستعرض خلالها أفكار بلاده بشأن الاقتصاد العالمي والحوكمة الاقتصادية العالمية.
مسارات جديدة للنمو
ووفقاً لنائب وزير الخارجية الصيني لي باو دونغ فإن المناقشات ستركز على قضايا عدة منها تقوية التنسيق في السياسات وبناء مسارات جديدة للنمو والحوكمة الاقتصادية والمالية الفعالة والتجارة والاستثمار العالميان القويان بالإضافة إلى التنمية الشاملة والمترابطة.
نمو عالمي مستدام
كما أن قمة «هاتشنغو» ستركز على تحقيق نمو عالمي مستدام، وستعمل الصين باعتبارها الدولة المضيفة على تحفيز الحوار بين الدول المتقدمة والنامية حول إمكانية تعزيز النمو من خلال الإصلاح والابتكار.
السياسات النقدية
وفيما ستعالج السياسات النقدية والمالية التقلبات على المدى القصير، تظهر الحاجة إلى إيجاد إستراتيجية طويلة الأجل لرفع ما يشهده الاقتصاد العالمي حالياً من ضيق، إضافة إلى دمج الإصلاحات والتكيف الهيكلي على وجه الخصوص ضمن السياسات الحالية لخلق بيئة خصبة للنمو.
الابتكار
وسيكون الابتكار مفتاح أجندة مجموعة العشرين للمرة الأولى، إذ يخلق الابتكار المتميز بالتكنولوجيا والمنتجات الجديدة والنماذج الجديدة للأعمال التجارية فرصا جديدة لمستويات الاستهلاك.
الدول النامية
دول مصر ولاوس وتشاد والسنغال وتايلاند وكازاخستان، دول نامية ليست أعضاء في مجموعة العشرين، لكن مشاركتهم سيجعل قمة «هانغتشو» تكون القمة التي حضرها أكبر عدد من الدول النامية في تاريخ مجموعة العشرين.
ومن المقرر أن تعالج القمة قضايا التنمية، فبينما تعاني الدول النامية من ضعف تمثيلها في المؤسسات الدولية، ستسمح مجموعة العشرين، التي تعتبر منتدى كبيراً للحوكمة الاقتصادية العالمية، للدول النامية بأن يكون لها رأى مسموع بوضوح. ومن المتوقع أن تطلق قمة هانغتشو عدة مقترحات لدعم الدول الأقل تقدما ومنها دول في إفريقيا.
قمة B20
وقد شارك أكثر من 800 رجل أعمال من أنحاء العالم في قمة أعمال العشرين B 20، وحضرها رؤساء شركات متعددة الجنسيات وشركات صغيرة ومتوسطة ورؤساء دول. وتناولت قمة الأعمال B 20 عدداً من الموضوعات الرئيسية في مقدمتها تمويل النمو،والتجارة والاستثمار، والبنية التحتية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتوظيف، ومكافحة الفساد. وقدمت توصيات قمة الأعمال الخاصة بالسياسات لقمة مجموعة العشرين G20.
شبكة مكافحة الفساد
وفي جانب آخر تشكل مكافحة الفساد موضوعاً رئيسياً لقمة مجموعة العشرين في «هانغتشو»، إذ إن أحد الإنجازات المتوقعة للقمة هو إقامة نظام لمكافحة الفساد من ثلاث نقاط هي: اتفاق جميع الأعضاء على التعريف القانوني للفساد، وبناء آلية منسقة لتتبع الهاربين والأصول المسروقة، وتنسيق جهود الأعضاء في تنفيذ القانون، كما تنفذ القمة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
قمة المرات الأولى
وتمثل قمة «هانغتشو» المرات الأولى في عدة نواح.. فتلك هي المرة الأولى التي تجعل فيها القمة من بناء مسار جديد للنمو موضوعاً رئيسياً لها وتركز على النمو العالمي في المدى المتوسط إلى الطويل وستقيم أول إطار عمل للاستثمارات التعددية وستجعل التنمية الخضراء موضوعاً يناقش على جدول أعمال القمة للمرة الأولى.. وتصبح القمة نقطة بداية جديدة للحوكمة الاقتصادية العالمية، وتُحول مجموعة العشرين من آلية رد على الأزمات إلى نظام حوكمة طويلة الأمد.
الضوء في النفق المظلم
قمة مجموعة العشرين في هانغتشو «ضوء في نهاية النفق المظلم « للاقتصاد العالمي الغارق في ركود طويل.. فبعد مرور 8 سنوات على الأزمة المالية العالمية، لا يزال الانتعاش بطيئاً وهشاً، كما أن بيئة النمو الاقتصادي العالمي مازالت متباينة، وتشهد ارتفاعاً في معدلات البطالة والديون، فضلاً عن خمول التجارة والاستثمار واضطراب التمويل والأسواق.
الإفراط في الاعتماد على السياسات النقدية
وقد ساهمت الحوافز الضريبية وتخفيف القيود النقدية في لعب دور مهم في رفع معدلات النمو منذ بداية الأزمة المالية العالمية، إلا أن الإفراط في الاعتماد على السياسات النقدية وخاصة في بعض البلدان المتقدمة، تسبب في عدم استقرار الاقتصاد الكلي والمالي في أماكن أخرى.. فضلاً عن إقدام بعد الدول لتقييد السياسات المالية بسبب ارتفاع مستويات الديون.
برامج تحفيزية
وإضافة إلى ذلك فإن الأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية المعقدة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والسياسات الحمائية التجارية والإرهاب، جميعها معطيات تسببت في تفاقم مشكلة التباطؤ الاقتصادي ما يفرض على العالم أن يكافح للعثور على حلول مناسبة تضمن النجاح لبرامجه التحفيزية.
إعادة النمو العالمي
وباعتبارها ممثلاً لثلثي سكان العالم وأكثر من 80 % من حجم الناتج الاقتصادي العالمي، تستحق قمة العشرين ويتوقع منها أن تلعب دوراً أكبر لإدارة الاقتصاد العالمي، فقمة «هانغتشو» تشكل بلا شك فرصة كبيرة وتملك القدرة على لعب دور هام في إعادة النمو العالمي.
وفي الوقت الذي تعلق فيه الشعوب آمالاً كبيرة على قمة العشرين، فإن نجاحها يعتمد بشكل كبير على تعاون جميع أعضاء مجموعة العشرين، للعمل على تنفيذ السياسات والتدابير وليس لمجرد اللقاء.