د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
استهواني الدخول إلى موضوعي من خلال بنك التسليف الذي نصح به معالي وزير المتعلمين مراجعيه من خريجي التربية الخاصة لتمويل أحلامهم السعيدة. ولن أتطرق لنصيحة معاليه وإن أذهلتني؟!! وذلك لجهلي عمَّا وراء النصيحة وما خلفها وما أمامها, وإنما سوف انطلق منها إلى نصيحة شبه مماثلة، وهي استحداث بنك للتفكير في شئون وشجون ذوي الاحتياجات الخاصة؛ تلك الفئة الغالية من أبنائنا التي عجز الأولون والآخرون أن يصلوا إلى أبوابهم الحقيقية؛ فما زالت العقول البيضاء دون نقش. وليعذرني القوم في الجهات المختصة المعنية بأولئك إن ذكرتُ في مسردي هنا: أن حاجات الطلاب المعاقين وتعاطف المجتمع معهم استُغلت فأصبحت سلعة لتلميع بعض منصات الإطلاق؛ وذاك من خوارم عديدة؛ أهمها ورأسها انعدام المعرفة ومجانبة التخصص عند من يخططون, ويقررون, ويصنعون البرامج سواء في القيادات المباشرة أو الوسطى, وذلك النوع بالذات يلزمه التخصص، ويرفده التخصص, وينميه التخصص، ويشرق به التخصص، ويحتويه التخصص، ففاقد الشيء لا يعطيه، والله سبحانه تعالى يقول: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (9) سورة الزمر. وأذكر حقبة جميلة من تاريخ العناية بذوي الاحتياجات الخاصة عندما كان والدهم البصير «كفيف البصر» الدكتور ناصر الموسى يتربع على منصة المسئولية؛ فاعشوشبت بيئات تلك الفئة, وبدأت براعمهم تظهر، وقواعدهم ترتفع, ولكن «ما كل ما تمنى ناصر الموسى أدركهُ»، فدائماً في دوائر التعليم الصغيرة ومقصوراتها الكبيرة نلاحظ فقد الصلة داخل ذلك القطاع بين التشريع والتنفيذ, وعلى تلك العتبات الهشة عُقدت اتفاقيات أصبحت من أعباء التعليم المقلقة, ونُفّذت برامج ليس لها أساس نظري سليم، وبالتالي سقطت في اختبارات التطبيق الأولى، فدُفنت بعدما علقت نواتجها المؤلمة في أذهان الطلاب من تلك الفئة..
وشجون أخرى يدل عليها الواقع والحال يطول سردها، وأي عملية ناجزة فهي من هدايا مكتب التربية لدول الخليج أو أرامكو, وقليل من المبادرات المجتمعية الداعمة. ثم لجأت وزارة التعليم في الآونة الأخيرة إلى القسائم التعليمية المدفوعة للقطاع الخاص لتعليم أولئك الطلاب. وهذا الإعلان الأول وعسى أن يكون الأخير عن فشل رحلة وزارة التعليم في احتواء فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارسها التي يربو عددها عن الثلاثين ألف مدرسة؟!! وقد يكون الاعتراف بداية التصحيح
ولكن القسائم التعليمية من وجهة نظري ليست خيارنا الأمثل, فهو إجراء (باطنه فيه الرحمة .......) وإن عُدَّ في عُرف بعضهم من الحلول الناجحة, يقول سبحانه وتعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ...} (10) سورة الحديد.