الرياض - منصور الدوس:
بقلوب مفعمة بالحزن والأسى فقدت الحركة الرياضية بالمملكة أحد رجالاتها الأوفياء ورموزها الكبار ممن خدموا مسيرتها أكثر من نصف قرن من الزمن لاعباً وشرفياً ثم رئيساً لواحد من أشهر الأندية السعودية وأعرقها.. إنه الأستاذ أحمد مسعود رئيس نادي الاتحاد المخضرم الذي وافته المنية عن عمر يناهز الـ70 عاما تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
«الجزيرة».. كعادتها في التفاعل والتعاطي مع الأحداث تسلط الضوء على جانب من تاريخ الرئيس الراحل أحمد مسعود- رحمه الله - نتناولها عبر الأسطر التالية:
عميد النوادي
في تاريخ الحركة الرياضية لنادي الاتحاد المخضرم الذي تأسس كأول نادٍ سعودي قبل ما يقارب 9 عقود على أيادي محبيه يتقدمهم العم حمزة فتيحي مع بقية رجالات النادي التسعيني المخلصين الذين تزعموا قيادة البيت الأصفر والأسود بعد ولادته مباشرة.. وهم علي سلطان وصالح سلامة وعبد العزيز جميل وعبد الرزاق عجلان وعباس حلواني وعبد الله بن زفر وزهران إسماعيل وعبد اللطيف جميل، وهؤلاء الرموز الأوفياء ساهموا في بناء الكيان الاتحادي في حقبة الأربعينيات الهجرية من القرن الفائت. وبعد أن وضع رجالات ومحبو النادي الجداوي المخضرم دعائم قيامه وأسسوا نشأته تعاقب على خدمة عميد النوادي رواد ورموز تركوا بصماتهم الخالدة وإسهاماتهم التاريخية وتضحياتهم الجسيمة محفورة في ذاكرة العميد, حيث قدموا أدواراً بارزة من أجل رفعة شأن النادي الشهير واستمراره في دائرة الأمجاد البطولية والألقاب الذهبية والمنجزات التاريخية عبر الأجيال التي مرت في مسيرته العامرة بالمعطيات والمكتسبات التي عززت من قاعدته الجماهيرية الكبيرة, ولا غرابة في أن نادي الاتحاد بالشواهد التاريخية ولغة الأرقام والإحصائيات يعد من أكبر الأندية السعودية جماهيرا.. جماهير وفية بدون رتوش مع ناديها حتى عندما غاب سنوات طويلة عن منصات الذهب لم تهاجر مدرجاته بل زادت حضوراً وإخلاصاً ووفاءاً لناديها صاحب لقب الأولويات التاريخية في لائحة الرياضة السعودية.. ولا شك أن من أبرز رجالات عميد النوادي.. عميد رؤساء الأندية السعودية (حاليا) قبل وفاته.. وأكبرهم سنا الرياضي المخضرم (أحمد مسعود) هذا الرجل الذي تسلل حب العميد بدون حياء أو خجل في وجدانه.. وتغلغل في جوانحه منذ طفولته فقد عشق الاتحاد مشجعا منذ طفولته وترجم هذا الحب الأصيل إلى انتماء رياضي راسخ عندما سجل في كشوفاته شابا يافعا في النصف الأول من عقد السبعينيات الهجرية، مهرولا في عامه الـ17 ربيعا في مضمار عشق الإتي.. بتأثير من رمز الاتحاد حمزة الفتيحي رحمه الله.
الرعيل الأول للإتي
عاصر الراحل أول جيل وضع لبنات البطولات والألقاب الذهبية الاتحادية في حقبة السبعينيات الهجرية من القرن الفائت.. جيل أصيل ووفي.. جيل الملاعب الترابية الذي صال وجال وصنع الأمجاد الغابرة في مسيرة أول ناد سعودي يتأسس قبل 9 عقود زمنية.. جيل كان القدوة في كل شيء انضباطا وإخلاصا ووعيا وخلقا رياضيا رفيعا.. إنه الجيل الذي لعب أحمد مسعود ضمن كتيبته الفنية وهم غازي ناصر وغازي كيال وعمر راجخان ودانا دانا وسيد مصطفى وشاكر باحجري وعبد الله بخاري وعبد المجيد كيال وأمين ساعاتي المؤرخ الكبير وعبد الرزاق بكر وعبد الله حجازي ومحمد حسام الدين وغيرهم من نجوم الرعيل الأول.. وبعد أن كان ضمن الرعيل الذهبي الأول اعتزل الكرة مبكرا ولكن بقى قلبه يتسع حبا لناديه الكبير ومتصلا به من خلال تواجده مع الإدارات التي مرت على تاريخ النادي التسعيني للاستشارة والاستفادة من آراءه وأفكاره كونه صاحب خبرة رياضية وحس قيادي رفيع وفكر رصين ويدعم ناديه ماديا في فترات مختلفة.
المسعود قدوة وكفاءة ومنجزات
كسب الفقيد أحمد مسعود احترام محبي ورجالات عميد النوادي وكسب أيضا حب الجماهير الاتحادية الوفية التي بادلته قيم الوفاء الأصيل.. ولا غرو أن يحتفظ الرياضي الكبير بسيرته النيرة وتاريخه الرياضي المشرف بتقدير رجالات ورموز البيت الاتحادي وعلى رأسهم سمو الأمير طلال بن منصور رمز النادي الكبير والذي كان من أقوى الأسباب في ترشيح رجل الإدارة الذي يحمل درجة الماجستير في إدارة الإعمال الراقي أحمد مسعود لرئاسة نادي الوطن مرة أخرى هذا العام.
وتاريخيا يعد من أكثر الرؤساء في البيت الأصفر والأسود تحقيقا للبطولات في تاريخ النادي الجداوي الشهير ولقبته الجماهير بـ»الرئيس الذهبي والمثالي» بعد أن تزعمه لأول مرة عام 1411هـ, وحقق معه بطولة كأس ولي العهد امام النصر، ثم الفترة الثانية عام 1419هـ, وحقق من خلال السنوات الثلاث وبضع أشهر التي قضاها داخل الكيان الاتحادي إنجازات قياسية بعد أن فاز الفريق بـ8 بطولات ومن ضمنها بطولتين خارجيتين لأول مرة في تاريخ العميد وهي كأس دوري خادم الحرمين الشريفين أعوام 1419-1420-1421 وكأس ولي العهد الأمين عام 1421هـ وكأس الاتحاد السعودي عام 1419هـ وأيضا فوز الاتحاد بقيادة رئيسه الذهبي أحمد مسعود ببطولة كأس الكؤوس الآسيوية عام 1420 هـ، بعد فوزه على الفريق الكوري جيونام بالهدف الذهبي 3-2 وكأس الملك فهد (السوبر السعودي المصري) عام 1422 وبطولة كأس الخليج للأندية عام 1419هـ . وبعد هذه المسيرة القيادية الذهبية غادر المسعود كرسي الرئاسة بكل فخر واعتزاز بعد أن حفر اسمه في ذاكرة محبي وعشاق الفن الاتحادي لظروفه العملية كرجل أعمال معروف.. ولكن بقي بمشاعره الجياشة حاضراً مع الإدارات التي تعاقبت على رئاسة النادي التسعيني يدعمها بالأفكار المستنيرة والمال والآراء الرصينة.. وبعد أن شهد عميد النوادي خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة تراجعاً مخيفاً وتدهوراً في صحته الفنية والنتائجية والعناصرية.. لم يجد رجالات العميد وأبرز شخصياته وعلى رأسهم باني الاتحاد الحديث الأمير طلال بن منصور الشخص الأنسب لقيادة النادي وإعادة ترتيب أوراقه الفنية والإدارية والمالية إلا الرجل الحكيم الأستاذ أحمد مسعود -غفر الله له - الذي عاد مهرولاً وملبياً طلب محبي البيت الأصفر والأسود للمرة الثالثة هذا العام.
سيرة عطرة
يبقى الرمز الراحل أحمد مسعود - رحمه الله- رقما صعبا في صفحات التاريخ الرياضي الاتحادي «فكراً ووعياً وحساً وأدباً وإخلاصاً».. بعد أن خدم كيانه الكبير أكثر من 5 عقود زمنية لاعباً ثم عضواً شرفياً وأخيراً رئيساً لواحد من أشهر وأكبر الأندية السعودية والعربية قبل أن يغادر هذه الحياة الفانية مؤخراً بعد وفاته التي تركت حزناً عميقاً في الوسطين الرياضي والإعلامي تاركاً سمعة طيبة وسيرة نيرة ستبقى محفورة في ذاكرة الرياضة السعودية غمده الله بواسع رحمته.