كتبت في مقال سابق عن حوادث السيارات التي حصدت ما حصدت من الأرواح البريئة وتسببت في العديد من الإصابات البالغة لمستخدمي الطرق، وفي هذا المقال أركز الضوء على حوادث من نوع آخر تتعلق باستخدام السلاح الأبيض والسلاح الناري في كثير من المناسبات الاجتماعية لاسيما مناسبات الزواج في قاعات الأفراح والاستراحات وغيرها. كنا نسمع منذ سنوات طويلة ولا نزال نسمع بين الحين والآخر عن وقوع حوادث القتل بالخطأ أو القتل العمد في حفلات الزواج نتيجة إطلاق النار ابتهاجاً أو انتقاماً كما حدث مؤخراً في إحدى قاعات الأفراح بخميس مشيط، حيث توفي مواطن بطعنة من سلاح أبيض وأصيب ابنه بطعنة أخرى إثر خلاف في وجهات النظر حول تخفيض ورفع الصوت في إحدى الشيلات كما ورد في الخبر الذي نشرته جريدة الرياض في عددها ليوم السبت 20-8-2016 تكاد لا تمر فترة زمنية قصيرة إلا ونسمع عن وقوع حادثة من هذا النوع في مناسبة يفترض أن تكون سبيلاً للتواصل والتراحم والتكافل بين الأقرباء، وتقوية أواصر المحبة والألفة بينهم. إلا أن ما يحدث أحياناً في تلك المناسبات يكون صادماً ومؤسفاً ومؤلماً للنفس. فخسارة الإنسان لا تقتصر على أسرته وحسب وإنما يخسر المجتمع كذلك عضواً فاعلاً من أعضائه وفرداً مهماً من أفراده. لقد بينت آيات القرآن الكريم تحريم قتل النفس بغير حق. قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ (68) الفرقان، 68 . خسارة المجتمع بأكمله، ناهيك عن خسارة الأسرة لمعيلها الأول. فالأولاد الذين قتل أبوهم خطأ أو عمداً، والزوجة التي قتل زوجها خطأ أو عمداً قد فقدوا معيلهم الذي كان يقوم بالإنفاق عليهم والسعي في سبيل رزقهم لتأمين وتوفير ما يحتاجونه من مستلزمات الحياة. فالخسارة هنا مادية ومعنوية في ذات الوقت. وإن أمكن تعويض الخسارة المادية، فمن المستحيل تعويض الخسارة المعنوية على الإطلاق.
نعلم جميعاً أن لبعض أفراد المجتمع السعودي تقاليد يفخر بها ويمارسها خلال مناسبات الأفراح والأعياد ومنها استخدام الأسلحة النارية كالبنادق والمسدسات، والسلاح الأبيض كالسيوف والجنبيات والخناجر، بالإضافة إلى استخدام الشباب والأطفال للألعاب النارية والمفرقعات بالقرب من قصور الأفراح وما ينتج عنها من مخاطر صحية كبيرة. فالشرر والضوء والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات قد يصيب العين ويتسبب في ضرر شديد.
ونظراً لما يمثّله السلاح الناري والسلاح الأبيض من خطر بالغ أثناء استخدامهما عند وقوع مشادات كلامية أو خلافات حادة، فإن المنطق يقتضي هنا التفكير في إيجاد وسائل أخرى بديلة لتلك الأسلحة، وتطبيق إجراءات وقائية لمنع ارتكاب جريمة قبل وقوعها أو إحباط عمل انتقامي لشخص متهور ومنفعل.من هذا المنطلق، وحرصاً على سلامة أفراد المجتمع في تلك المناسبات، أرى أنه لا بد من فرض إجراءات وقائية مشددة لدرء خطر وقوع حوادث مماثلة نخسر فيها مزيداً من الأرواح ونندم حينما لا ينفع الندم نتيجة لطلقة طائشة أو حركة خاطئة أثناء اللعب بسيف أو جنبية. ولذلك أرى أهمية إلزام قاعات الأفراح بتوفير إجراءات أمنية للسلامة تتمثّل في تركيب جهاز لكشف الأسلحة عند مداخل القاعات، وتثبيت كاميرات مراقبة في أماكن محددة، وتعيين موظفي أمن يرتبط عملهم إدارياً بمركز الشرطة، وتوكل إليهم مسئولية مراقبة الزائرين والمدعوين أثناء الدخول والخروج، والتأكد من عدم حمل السلاح أثناء مرورهم عبر الجهاز، وإبلاغ الشرطة عن أي مخالفة للإجراءات المتبعة لوقف أي خلاف قد يتطور إلى استخدام السلاح لحظة الغضب والانفعال النفسي. كما أرى ضرورة تكثيف حملات إعلامية لتوعية المجتمع بخطورة حمل الأسلحة واستخدامها في المناسبات الاجتماعية، وكذلك نشر الملصقات التحذيرية عند المداخل الرئيسية لقاعات الأفراح أو المناسبات الأخرى. وفي حال رغبة الحاضرين بممارسة الشيلات أو العرضات الشعبية وغيرها، فإنه بالإمكان استخدام أدوات بديلة تماثل شكل السيوف والجنبيات ولا تشكل تهديداً على أحد.