إذا كان مجتمع المعرفة، كما عرفه الدكتور عبدالرزاق الدواي هو: (مجتمع يفترض أن يجري فيه الانتشار والتشارك والتبادل والاستخدام الواسع للمعلومات وللمعرفة، إما مجانيا وإما بأقل قدر ممكن من التكاليف. إن العالم ينتقل من مجتمع مبني على إنتاج السلع المادية المصنّعة إلى مجتمع جديد مبني على إنتاج العلم والمعرفة والذكاء، بهدف حل مشكلاته ودعم أنشطته وترشيد أدائه وتخطيط مستقبله) فهذا الأمر يجعلنا نتساءل عن رؤية العالم الجديد في ظل مجتمع المعرفة؟
في دراسته المهمة التي بعنوان (مجتمع المعرفة، معالم رؤية تكنولوجية جديدة للعالم رؤية) يلمح الدكتور عبدالرزاق الدواي إلى:
وفي منحى يتعلق بالفكرة التي تتبنى الرؤية العالمية الجديدة: قدم الكاتب فصلاً بعنوان من «المعرفة للجميع» إلى «المعرفة حول الجميع» أو المعرفة عن الجميع. ويعني بذلك ما نشهده من تطور في وسائل الرقابة على أنشطة الناس، والمعلومات الهائلة التي تجمعها السلطات عن الأفراد، من خلال الإنترنت والهواتف الأرضية والخلوية. وحتى بعض المؤسسات الخاصة أصبحت تجمع المعلومات عن الناس بقصد تسويق منتجاتها بأفضل الطرق.
ويبدو أن العالم الجديد يتحول بالتدريج إلى عالم شمولي تهيمن فيه هواجس الأمن والمراقبة على القيم والمبادئ الإنسانية.
ونستشف فيماذكر الدكتور الدواي بان هناك مؤشرات حالية كثيرة توحي بأننا سنشهد انبعاثًا جديدًا لعلاقة الفلسفة بالسياسة في مستهل القرن المقبل، على الأقل على مستوى برامج التعليم ولعل أكثرها تجليًا هذا الانتعاش الكبير للخطاب عن حقوق الإنسان.
الدكتور عبدالرزاق الدواي ذكر بأن الواجهة التكنولوجية لمجتمع المعرفة تسهم في تطوير وتحديث المراقبة الأمنية على السكان والتجمعات البشرية بدلاً من حماية الحريات الفردية وتوسيعها.
ولقد لاحظ الدكتور الدواي من خلال دراسته البحثية حول مجتمع المعرفة أن: المجتمعات البشرية قلّما نظرت بعين الرضا والارتياح إلى الفتوحات العلمية الكبرى في عصرها، بيد أن المطاف كان ينتهي بها غالبًا إلى قبولها تدريجيًا وإدماجها كجزء من حياتها واقتصادها ومنظومة قيمها).
ولعل فحوى هذه الدراسة تدفعنا إلى طرح مجموعة من الأسئلة للحوار حولها:
- أمام المعطيات الجديدة للعلم والمعرفة في القرن 21 ما الذي ستؤول إليه المفاهيم الأساسية التي عاشت عليها المجتمعات البشرية منذ آلاف السنين مثل الأبوة والأمومة والقرابة.... ؟
وفي زاوية أخرى ناقش الدكتور الدواي الفكر البيئي باعتباره جزءًا من الرؤية الجديدة للعالم. حيث تبين تقارير حديثة أن اختلال توازن نظام مناخ كوكبنا الأرضي ليس طبيعيًا ولا عاديا في أغلب الأحيان، وإنما ينتج في معظمه عن النشاطات البشرية.
- ومن ناحية الصلة بين مجتمع المعرفة والفلسفة فبالنظر إلى الواقع الراهن للفلسفة وأشكال الخطاب الفلسفي الجديد وربط ذلك بمتطلبات عصرنا الحالي تبدو الفلسفة عتيقة فهي ذات طبيعة نظرية تغرق في التجريد والعمومية؛ وتعليمها غير متلائم مع مشاكل العالم اليوم؛ وليست لـها أية مردودية ملموسة ومباشرة، وتكاد تكون منقطعة الصلة بمشاكل الحياة اليومية.ولماذا لم تواكب الفلسفة بخطابها التغيرات المعاصرة؟ وما الحكمة الجديدة التي يتوجب على الفلسفة استخلاصها وبثها كعناصر تجديد محتمل في الفكر الفلسفي لبدايات القرن الحادي والعشرين؟.
ومع التكنولوجيا الثلاثية التي أشار إليها الدواي وهي: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، ومن منظور هذه الرؤية الجديدة للعالم ينطرح السؤال الأشد أهمية وحيرة وهو: ترى أي مستقبل ينتظر الإنسانية؟.
- هدى الدغفق