أينما يممنا وجوهنا في مواقع التواصل الاجتماعي وجدنا أن المشكلات هي الشغل الشاغل لكل تلك الوسائل، بدءًا من محطات الأخبار حتى مواقع المحادثات اليومية، بل إن أحاديثنا اليومية في البيوت والعمل لا تكاد تقوم إلا على تناول بعض المشكلات اليومية للإخبار بها, أو عرض رأينا فيها, أو الاعتراض عليها, أو التأييد لها, إلى غير ذلك من أوجه التعامل معها.
هذه المشاكل المتنوعة يوميًّا بين عالمية وإقليمية ومحلية تُعَدُّ مادة دسمة لافتراض الحلول, وتحديث القراءة للواقع.
المشكلات المحلية لها نصيب الأسد في (ترندات) تويتر تحديدًا - مؤخرًا -. وهذا المؤشر ذو الدلالات الخطيرة، التي توحي بانصراف السواد الأعظم للقيل والقال, وتتبُّع العورات والعثرات, وربما البهتان في معظم الأوقات, يمكننا استثماره لما يصب في مصلحة المجتمع, ويعود عليه بالنفع.
فوباء المشكلات اليومية - كما أسماه مايكل ماكميلان - نافذة جديدة على تحسين الواقع بذكاء وسرعة بديهة؛ ما يحتم على الوزارات والمؤسسات الحكومية أن تسخر إعلامها لمتابعة مثل هذه المواقع؛ لتعرف موقعها من الإعراب, وتغربل لوائحها البالية, وتتعرف على المستجد من الاحتياجات.
يرى ماكميلان أننا يجب أن نحتوي تلك المشكلات باحتضانها؛ فهو يرى أن المشكلات ما هي في حقيقتها إلا فرص ومضارب وردية لحلول غير مرئية في انتظار من يعثر عليها.
فالتفكير في الحلول غير المرئية - في رأيه - يمكنه جعل المستحيل ممكنًا.
فماذا لو جعلنا كل مشكلة عبارة عن مضرب وردي يهدينا الحلول؟
لو كل مسؤول - على سبيل المثال - تعامل مع كل مشكلة تمثل وزارته في تويتر - مثلاً - وأوجد حلولاً على ضوء المشكلات هل كان سيحتاج إلى البقاء على لوائحه القديمة التي تخطاها الزمن؟!
تحويل المشكلات إلى حلول سريعة, بالنظر إليها على أنها نوافذ للتحديث، من شأنه أن يجعل من كل القطاعات مواكبة لرتم الحياة السريع. عندها فقط يمكننا أن نقول: لا فجوة تذكر بيننا وبين لوائحنا التي باتت في مجملها بحاجة إلى تحديث؛ لأن هذا الزمان ليس ذاك الزمان الذي استُحدثت فيه, وهذه العقليات التي تتعاطى مع الحياة اليوم ليست تلك التي كانت بعيدة عنها.
المجتمع انفتح على غيره, وعرف كيف تعيش بقية المجتمعات, وهو في النهاية نسيج ضمن منظومة الحياة الكبرى, لا يمكنه الانسلاخ عنها, والتقوقع في زوايا نائية, خرج قاطنوها للنور, ورأوا, وسمعوا, وعايشوا, وتعايشوا, وما عاد تجاهُل اللوائح لاحتياجاتهم الجديدة يرضيهم.
- د. زكيّة بنت محمّد العتيبي