سمر المقرن
عندما يكون الشخص مغموراً ليس له أي وجود، وفجأة يوضع في منصب فتلتفت له كاميرات الإعلام ومطابع الصحف، فإما أن يتعامل معها بتوازن وحنكة فيتمكن منها، فنجده يبتعد عنها في غير وقتها ويقترب منها عندما يحتاج إليها، لا تسرقه الأضواء فيحترق، ولا يبتعد عن الأضواء فلا يكون له أي وجود.
الفكرة أن وسائل الإعلام قد تُصيب - بعضهم- بحالة من الإدمان، فلا يستطيع الموازنة بين أوقات الظهور والابتعاد، ومن يُدمن عليها - بلا شك- وكما نقولها بالعامية (يجيب العيد) بمعنى أنه قد يُخطئ في تصريحاته، وستنقلب الأضواء ضده، حتى إن وجد من يُطبل له ويمدحه، إلا أن العقلاء سينظرون له من زاوية بعيدة عن التطبيل بأنواعه وأشكاله، ولن ينظروا لظهوره إلا من باب إنتاجيته في المصلحة العامة. هذا النوع من الأشخاص يُصاب في وقت سريع بحالة الهوس الإعلامي، فيستغل منصبه للظهور لأجل الظهور وليس لأي مصلحة وطنيّة أو عامة، إنما مصلحة شخصية تُرضي حالة الهوس لديه، حتى وإن أضر بمصالح وظيفته تجده لا يرى شيء أمامه سوى أن تظل صورته متربعة على صفحات الصحف وشاشات الفضائيات.
تعكس حالة الهوس الذي يعيشها هذا النوع من الأشخاص، ضرر بالغ وجسيم، خصوصاً إن كان مثل هذا الشخص في منصب سياسي أو دبلوماسي فقد يُكلّف هوسه بالظهور مصالح دول وعلاقات مضطربة وفتح هوة عميقة بين دولة وأخرى، دون أن يشعر، لأن هذا الشخص حالة الوعي لديه لا تحس إلا بحالة الانتشاء التي يستمتع بها من ظهوره الإعلامي!
الظهور الإعلامي وكسب الأضواء وحتى التعاطف، هو حالة مؤقتة لن تستمر، إنما سيستمر في أذهان الناس إنتاجية هذا المسؤول اللامع، وستنتهي الأضواء ويبقى بريق العمل وما الذي قدمه؟ أما فقاقيع تويتر وبعض المقالات التي تُساهم في تكريس حالة الهوس الإعلامي لدى أي مسؤول مصاب بهذا المرض، فهي فقاعات تنتهي سريعاً كما سيتلاشى معها هذا المسؤول المصاب بهوس الشهرة، وسيلحق بركب رفاقه المصابين بهوس «السيلفي» والاستعراض على صفحات التواصل الاجتماعي.
الرديف لهذا النوع من المسؤولين، هو المسؤول المصاب بهوس عدم الظهور، والذي لا يستطيع التواصل مع أي جهة إعلامية بسبب الخوف الشديد من الإعلام، هذا أيضاً يُضر بالمصالح العامة كونه يحجب المعلومات المهمة التي من الضروري أن يطلع عليها الناس.
الشهرة شيء جميل، وخصوصاً إن كانت تحمل رسالة سامية تبقى خالدة لدى المتلقي وتخدم الوطن والناس والعلاقات الدبلوماسية، لكنها في الوقت ذاته سلاح ذوي حدين، فإما أن تأخذ صاحبها إلى الأعلى أو تهبط به إلى قاع التاريخ!