فهد الحوشاني
بعد كل حادثة من حوادث الإرهاب التي تستهدف مجتمعنا نستمع ونقرأ لعدد من المنظرين الذين يسارعون لاتهام مناهجنا وخطابنا الديني!! فهم يجدون متعة وراحة تامة في توجيه الاتهامات لمجتمعنا متماهمين - للأسف - مع دعوات من هذا القبيل توجَّه لمجتمعنا من أعداء ظاهرين ومستترين! يتفوهون بذلك دون أي دليل علمي على ما يدَّعون!! ولقد استسهل البعض إطلاق الأحكام العامة غير المبرهنة، حتى إن بعض الكتاب قال: إن في كل بيت سعودي يوجد شخص داعشي! طبعاً مُطلِق هذه التهمة المعيبة والباطلة لم يطلب منه أحد إثبات إدعائه، لذلك فلديه الاستعداد لأن يطلق مثل هذه الوصفات التي تصيبنا بخيبة أمل في بعض من ينظِّرون ويكتبون! طبعاً هو كلام يلقى على عواهنه فلا يمكن أن يُتَّهمَ مجتمع بكامله بهذه الاتهام الخطير الذي بني على وجهة نظر، ولن يصدقه الواقع الذي نعيشه من أننا مجتمع ننبذ الإرهاب وندينه! بل إن مثل هذا الكلام السطحي هو تعظيم لدور داعش وإنها استطاعت أن تدخل بيوتنا، وهذا غير صحيح! وثانياً يوجه البوصلة لغير الاتجاه الصحيح، فمهما كانت أعداد من نفذوا عمليات إجرامية أو تلك التي انضمت لداعش فهم قلة عددها يفترض أن لا يعطي المجال بهذا الحكم غير الواقعي! فالمنظِّرون يعممون أحكامهم وهم يعرفون أن الذين استمعوا للخطاب الديني ودرسوا المناهج نفسها تعدادهم بالملايين بينما الأعمال الإرهابية تعد على الأصابع بفضل من الله!! ويتعامون عن حقيقة أخرى مهمة وهي لو أن اتهاماتهم صحيحة لكانت الجرائم الإرهابية بأعداد تناسب حجم التحريض الذي يدعونه!! هؤلاء بأفكارهم المضللة يرتكبون خطاً فادحاً لأنهم يتركون المتهم الحقيقي والمسؤول الرئيس عن تنفيذ الأعمال الإرهابية في العالم وليس في المملكة ويتهمون غيره، بمعنى يتهموننا نحن كمجتمع وهذا أمر عجيب! إن من يجب أن يشار إليه بأصابع الاتهام هو داعش ومن خلفها وأولئك المستفيدين من أعمالها الإرهابية!! هذه المنظمة الشريرة التي تؤلب المجتمع وتنشر القتل والجريمة التي لم تسبقها إليها أشرس منظمات الإجرام العالمي! داعش والتي تقوم بتجنيد الشباب ليس من المملكة فقط بل من كل الجنسيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وليس عبر خطب مساجدنا ولا مناهجنا الدراسية، فما تتضمنه الخطب أو المناهج أجزم بأنه يزعج داعش ومن ورائهم! ألا يعلم أولئك المنظرون أن عدد الشباب الأجانب المنضمين إلى داعش يزيد عددهم عن (12) ألفاً من مختلف الجسيات! هل أيضاً المناهج والخطاب الديني في دولهم مسؤولة عن تجنيد أولئك في صفوف داعش! لقد كانت داعش قادرة على استثمار وسائل التواصل الاجتماعي مستغلة الاحباطات والأحداث المؤلمة التي يتعرض لها عالمنا العربي والإسلامي!
مناهجنا أيها السادة وخاصة الدينية منها مستمدة من دستورنا وهو القرآن الذي يوصي بالوالدين إحساناً وطاعتهم وعدم الذهاب للقتال دون موافقة ولي الأمر، وتؤكد أن من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً! مناهجنا وخطابنا الديني نعرف جيداً بأنها لا توصي بالقتل ولا بالتفجير والإرهاب، وخطابنا الديني يندد في كل وقت بالأعمال الإرهابية ليس ما يحدث منها في المملكة بل في أي دولة!! وإذا كان يوجد بعض الدعاة الذين حرضوا الشباب على القتال اجتهاداً منهم في زمن سابق فهؤلاء قلة ولا يمكن أن يكونوا هم الخطاب الديني، والدولة رفضت تحريضهم وكذلك المجتمع بكل فئاته!
أسباب هذه المشكلة ليست داخلية، فكل الآباء يقولون إن أبناءهم تلقوا أحسن تربية وإنهم كانوا على خلق ومسالمين! إذاً لنترك ما يقوله بعض المنظرين ولنبحث على كل المستويات الرسمية والأكاديمية والبحثية، ونطرح السؤال الكبير: كيف تجند داعش عشرات الشباب ولن أقول المئات! مخترقة أسوار البيت والمدرسة والجامعة والمسجد والتي كلها ترفض الإرهاب وتندد به؟!