ميسون أبو بكر
الشاطئ الذي كان يعج بالسياح وأهل المدينة التي تطل على البحر المتوسط كان شبه خالٍ من البشر على غير عادة نيس عاصمة الريفيرا الفرنسية التي تزدحم بمثل هذا الوقت من كل عام بالسياح والزوار.
وعلى الرغم من أن الأجواء صيفية رائعة لهذه المدينة والشواطئ لا تغرب عنها الشمس إلى ساعة متأخرة من النهار والأمطار تشاكس المقاهي التي تتناثر في كل مكان على الساحل والجبل وفي أسواق المدينة، إلا أن الهدوء خيَّم على هذا الموسم الصيفي الذي نال منه الإرهاب اللعين الذي هدّد عدداً من مدن العالم وضرب ضربته القوية في يوليو الماضي على ذات الشواطئ بشاحنة قتل سائقها الإرهابي أربعة وثمانين قتيلاً أرداهم موتى مخلّفاً هذا الكم من الرعب والخوف وضرب الموسم السياحي للمدينة التي يسكنها البحر والجبل والسهل وتحدها أهم المدن مثل كان وموناكو وبدقائق معدودة يمكن أن تقودك السيارة إلى إيطاليا وبساعة من الزمن أو قد تزيد قليلاً تصل جواً إلى المغرب العربي.
الإرهابي الذي قاد الشاحنة التي دهست عشرات المارة والمشاركين في احتفالات الباستيل في نيس في يوليو الماضي ترك أثراً سيئاً سواء على اقتصاد المدينة وسياحتها أو في نفوس أهلها الذين تلمح في كلامهم وتذمرهم وحزنهم هذا العمق المأساوي جيداً.
في ركن على الشاطئ خصص للورود والشموع وبعض اللافتات التي حملت عبارات ومشاعر أهل المدينة تندّد بالإرهاب وتدعو للحب بكل اللغات، كما وضع فيه بعض الأطفال لعبهم وبعض أشيائهم لتذكير المارة بهذا الحدث الأليم وببشاعة الإرهاب الذي استهدف الأبرياء.
نيس التي تعد مرفأً للسفن واليخوت والقوارب، وتسور شواطئها النخلات السامقة وتكسو أرصفتها المقاهي وتعتبر رئة المتوسط وعروس الجنوب الفرنسي، وفيها دار الأوبرا وثالث أهم مطارات فرنسا وبها بعض المتاحف والأماكن المهمة التي تشهد على تاريخ المنطقة تشهد هذا الصيف موسماً لا يشبه مواسمها الصاخبة العامرة بالزوار وعشاق البحر والمقاهي، حيث أعلنت حالة الطوارئ فيها لأشهر وألغيت أهم مهرجاناتها.
الإرهاب الذي لا يعرف ديناً ولا يعتنقه إلا الذين يكفرون بالله ويخالفون سنّة الحياة هو وحش مفترس يتربص بالحياة والإنسان والجمال، أبعده الله عن أوطاننا وعن عالمنا الكبير.