جدة - واس:
شهدت العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية ودولة اليابان نقلة نوعية وتطوراً مدهشاً ونمواً مطرداً وتعاوناً لافتاً على مدى 60 عاماً شملت جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والتعليمية والصحية. ونتيجةً للسياسات والمبادئ التي رسمتها ونصت عليها الاتفاقيات الثنائية والمباحثات والزيارات المتبادلة بين المسؤولين في كلا البلدين فإن علاقتهما تعد إحدى أهم العلاقات الدولية حيث سادها الصدق والالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه، فالمملكة واليابان يتوافقان على رؤية مشتركة حيال القضايا الراهنة في المنطقة وذلك انطلاقاً من الفهم المشترك بأن تعاونهما يمثل أهمية كبيرة من أجل الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط والمجتمع الدولي بصفة عامة. ومن هذا المنطلق جاءت مواقف البلدين متطابقة في العديد من القضايا وعلى وجه الخصوص التأييد الياباني لعملية عاصفة الحزم التي جاءت تلبية لنداء فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية لإعادة الشرعية في اليمن وحماية الشعب اليمني من البطش الحوثي، وكذلك الاتفاق على إنقاذ الوضع المأساوي في سوريا، والتزام البلدين بتحقيق السلام والعدل الدائم والشامل في الشرق الأوسط وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وإدانتهما للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، ورغبتهما في تعزيز الحوار الأمني ليشمل الأوضاع الإقليمية والأمن البحري وأمن خطوط الملاحة البحرية والقرصنة وحظر الانتشار النووي ومكافحة الإرهاب والمساعدات الإنسانية وإغاثة الكوارث. وجاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - لليابان عام 2014م عندما كان ولياً للعهد لتوثيق العلاقات الإستراتيجية بين البلدين على مدى السنوات الستين الماضية. ومنح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال الزيارة شهادة الدكتوراه الفخرية في الحقوق من جامعة (واسيدا) إحدى أعرق الجامعات اليابانية، تقديراً لإسهاماته البارزة في المملكة والعالم. وألقى خادم الحرمين الشريفين كلمة بهذه المناسبة مخاطباً منسوبي جامعة (واسيدا) قال فيها: «إنني أدعوكم للاقتراب منا أكثر.. الاقتراب من ثقافتنا الإسلامية والعربية، فلدينا الكثير مما نود اطلاعكم عليه، لتكتشفوا الكثير من المبادئ والتعاليم والقيم التي نشترك فيها معا. نحتاج لمن هم في علمكم، وإلى مثلكم لفهم ثقافتنا».وأضاف - أيده الله - : إنني أشكركم على منحي شهادة الدكتوراه الفخرية من هذه الجامعة العريقة، وهو مما أعتز به، لكنني أعتبره تكريماً للسعوديين كافة.
من جهته قال رئيس جامعة (واسيدا) الدكتور كاورو كاماتا إن الأمير سلمان بن عبدالعزيز معروف بحنكته السياسية وثقافته الثرية وإنجازاته الكبرى التي أسهمت بشكل محوري في تطور المملكة على الصعيدين الدولي والمحلي، وحصوله على عدد كبير من الأوسمة وشهادات الدكتوراه الفخرية يعد اعترافاً بجهوده الحثيثة لإغاثة الفقراء ومنكوبي الكوارث الطبيعية في أنحاء متفرقة من العالم. وتحتفظ اليابان - حسب ما قاله دولة رئيس الوزراء شينزو آبي - مع دول الشرق الأوسط بعلاقات ممتازة مؤكداً أن بلاده صديق قديم للعالم العربي ويسعى لبناء شراكة شاملة مع دول الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية التي قال إنها شريك مهم للغاية لأمن الطاقة في اليابان. وخلال زيارته للمملكة عام 2013م ألقى دولة رئيس الوزراء الياباني خطاباً اشتمل على ثلاث عبارات أساسية شخصت العلاقات الثنائية بين البلدين وهي: التعايش، والتعاون، والتسامح، وقال إن التعايش يشير إلى الشراكة بين المملكة واليابان المبنية على المصالح المشتركة والعمل على تعايش مزدهر رغم التحديات السياسية والاقتصادية، وأما التعاون فيعتمد على التنسيق في العمل السياسي بما في ذلك مواقف اليابان من القضايا العربية، فيما أشار إلى أن التسامح يعد مبدأً أساسياً لإنجاح التبادل بين الخبراء والطلاب بين البلدين والشعبين. وبدأت الاتصالات الرسمية بين المملكة واليابان كأول اتصال رسمي عام 1938م عندما زار مبعوث الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - تغمده الله بواسع رحمته - حافظ وهبة اليابان لحضور افتتاح مسجد طوكيو، فيما زار المبعوث الياباني لدى مصر ماسايوكي يوكوياما المملكة عام 1939م لأول مرة كمسؤول ياباني التقى خلالها بالملك عبدالعزيز - رحمه الله - في الرياض. وتطورت العلاقة بين البلدين الصديقين بعد الحرب العالمية الثانية عقب إرسال أول وفد اقتصادي ياباني للمملكة عام 1953م وإقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين عام 1955م في الوقت الذي منحت فيه المملكة حق امتياز التنقيب عن البترول لشركة يابانية هي (شركة الزيت العربية) والاستخراج الناجح للبترول واحد من العلاقات المميزة بينهما في العلاقة حيث جرى توقيع اتفاقية الامتياز في ديسمبر 1957م وجرى اكتشاف تجريبي للبترول في يناير عام 1960م. وبدأت الزيارات المتبادلة للشخصيات رفيعة المستوى عندما قام صاحب السمو الملكي الأمير سلطن بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - بزيارة لليابان عام 1960م حين كان يشغل منصب وزير المواصلات، وعززت زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - لليابان عام 1971م الصداقة بشكل كبير بين البلدين ثم ازدادت الزيارات للشخصيات المهمة بين البلدين بعد الأزمة النفطية عام 1973م، وتوطدت أواصر العلاقات بين البلدين من خلال هذه الزيارات حيث قام ولي عهد اليابان الأمير أكيهيتو وولية العهد الأميرة ميتشيكو وهما إمبراطور وإمبراطورة اليابان حالياً بزيارة للمملكة عام 1981م وحضر صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - مراسم تتويج الإمبراطور نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عام 1990م، وقام ولي عهد اليابان الأمير ناروهيتو وولية العهد الأميرة ماساكو بزيارة للمملكة عام 1994م. وحرص البلدان على زيادة التعاون خلال العقود الماضية حيث قام رئيس وزراء اليابان ريوتارو هاشيموتو وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - بصياغة الشراكة الشاملة نحو القرن الحادي والعشرين خلال زيارته الأولى للمملكة عام 1997م، ومن ثم زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عندما كان ولياً للعهد اليابان عام 1998م ووقع (أجندة التعاون السعودي الياباني) مع دولة رئيس الوزراء السابق كييزو أوبوتشي، وزار وزير الخارجية الياباني يوهي كونو المملكة عام 2001م وأعلن خلالها عن مبادراته في ثلاثة مجالات تشجيع الحوار بين الحضارات مع العالم الإسلامي، وتطوير مصادر المياه، والحوار السياسي الواسع المتعدد. كما أسهمت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عام 2006م لليابان في دعم العلاقات الثنائية حيث وقع سموه مذكرة تفاهم لدعم المشاورات بين البلدين في مختلف القضايا وتبرع سموه بمبلغ 500 ألف دولار لجمعية الصداقة السعودية اليابانية. وتؤكد لقاءات القمة المتعاقبة ولقاءات كبار المسؤولين والعديد من الاتفاقيات واللجان وغيرها خاصة اللجنة الوزارية السعودية اليابانية المشتركة حرص حكومتي البلدين على بناء شراكة حقيقية لا تستثني أي نشاط وأن يكون التعاون شاملاً وملبياً لمصالح شعبي البلدين. وشكلت المملكة العربية السعودية ودولة اليابان أنموذجاً للعلاقات الدولية من خلال ما يربطهما من تعاون وثيق أدى خلالها الجانبان رضاهما العميق عن التطورات الكبيرة في علاقاتهما الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتطلعهما نحو تعزيز الشراكة الكاملة بينهما في المجالات كافة بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الصديقين. ففي المجال الثقافي وإيماناً من حكومتي البلدين الصديقين بتنمية الإنسان الذي هو محور التنمية سواء في الداخل أو على مستوى التطور الحضاري والعلمي والثقافي تأتي العلاقات الثنائية والتعاون في المجال الثقافي لتعكس الروابط التاريخية بينهما وهذا ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - خلال زيارته لليابان عندما كان ولياً للعهد حيث أكد أن تجربة اليابان مثيرة للإعجاب ومسيرتها ملهمة للدول في سعيها للتنمية والتقدم. ومن هذا المنطلق فالمملكة واليابان تربطهما عدة اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التواصل الثقافي والعلمي أبرزها مذكرة تعاون بين وزارة التعليم في المملكة ووزارة التعليم والعلوم والثقافة والرياضة والتكنولوجيا اليابانية عام 2010م التي كانت بدورها من محفزات التبادل العلمي والمعرفي بين البلدين حيث تهدف إلى دعم العلاقات العلمية والتعليمية وتشجيعها بين الجامعات والمؤسسات الأكاديمية ومؤسسات البحث العلمي في كلا البلدين. كما نصت على تشجيع الطرفين على تبادل أعضاء هيئة التدريس والباحثين وتدريب العاملين والكوادر البشرية في مؤسسات التعليم العالي في البلدين إضافة إلى تبادل المعلومات والدراسات الجامعية والمؤهلات الأخرى والمشاركة في اللقاءات والندوات وورش العمل العلمية والتعليمية التي تقام في البلدين. كما وقعت جامعة سلمان بن عبدالعزيز وجامعة كيوتو اليابانية اتفاقية في استزراع النباتات الطبية العطرية. وكذلك اتفاقية بين جامعة الملك فيصل وجامعة كانازاوا اليابانية تضمنت التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي والتدريب وتنظيم اللقاءات العلمية وتبادل المعلومات والتبادل الطلابي. كما وقعت الهيئة العامة للسياحة والآثار اتفاقية تعاون مشترك مع جامعة كانازاوا اليابانية للتنقيب عن الآثار في عدد من المواقع الأثرية التي تعود إلى العصور الحجرية في المملكة. فيما وقعت جامعة الباحة ومعهد أوساكا للتقنية اليابانية اتفاقية تعاون في مجال الهندسة في تخصصات الهندسة المدنية والبيئية وتشمل تبادل البحوث والأبحاث المشتركة وتبادل أعضاء هيئة التدريس والطلاب والتعاون في تطويالخطط الدراسية وصولاً إلى الاعتماد الأكاديمي في هذه البرامج. كما شاركت المملكة في عدة فعاليات ثقافية من أهمها معرض طوكيو الدولي للكتاب الذي تشارك فيه بشكل سنوي منذ مشاركتها عام 2010م كضيف شرف للمعرض في دورته السابعة عشرة. وتجلت مشاركة المملكة المتميزة في العديد من الأنشطة والفعاليات المصاحبة للمعرض من ندوات ومحاضرات وأنشطة داخل الجناح الذي تميز من عدة نواحي منها الموقع والتصميم واختيار المعروضات من معروضات سعودية تقليدية ومختلف أنواع الكتب.
من جانب آخر يدرس في اليابان حالياً 500 طالب وطالبة سعوديين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي وتشرف الملحقية الثقافية على المسيرة الدراسية لهؤلاء المبتعثين حيث تقوم على متابعة معاملات الطلبة والإجابة على استفساراتهم والتنسيق مع معاهد اللغة لمناقشة معيار وضوابط تقييم الطلاب والتنسيق مع الجامعات من أجل دعم عدد من الطلاب لاختيار الجامعات لمرحلة البكالوريوس ومرحلة الدراسات العليا. وكذلك القيام بتنظيم عدد من المحاضرات التعليمية عن مهارات اختبارات المقابلة الشخصية المدرجة كشرط أساسي ضمن شروط القبول بالجامعات وكيفية اجتيازها وكذلك تنظيم زيارات علمية للطلاب إلى عدد من الجامعات اليابانية بهدف الاطلاع على برامجها الأكاديمية والبحثية من خلال مشاهدة التجارب في المعامل والحوار مع أساتذة هذه الجامعات ومنها جامعة طوكيو للتكنولوجيا وجامعة توكاي التي تعد أول جامعة تسعى إلى راحة الطلاب المسلمين وخاصة الطلبة السعوديين حيث وفرت لهم مصليات للطلبة والطالبات داخل حرم الجامعة وكذلك جهزت مطعما خاصا للأكل الحلال. كما تنظم الملحقية الثقافية السعودية يوم المهنة بمشاركة العديد من الشركات اليابانية التي سعت إلى استقطاب أكبر عدد من الخريجين السعوديين للعمل في فروع الشركات في المملكة. ويشهد يوم المهنة حضوراً كبيراً من وسائل الإعلام اليابانية التلفازية والإذاعية والصحف الكبرى إضافة إلى وكالتي الأنباء حيث نشرت الصحف تقريراً عن نجاح الشركات اليابانية في استقطاب ما يقارب من 50 % من الخريجين السعوديين من الجامعات اليابانية في الأعوام الماضية والذين درس معظمهم تخصصات علمية وتقنية. وانطلاقاً من حرص المملكة على اطلاع الشعب الياباني الصديق على ما لدى المملكة من مخزون حضاري وعلمي وثقافي وتعزيز الحوار السعودي الياباني نظمت الملحقية الثقافية السعودية في اليابان الأسبوع العلمي الثقافي في مدينة أوساكا التي تعد ثاني أكبر مدن اليابان حيث اشتملت فعاليات الأسبوع على ندوات ومعارض في أربع جامعات ومراكز ثقافية وحكومية يابانية مما يكفل لها وصولاً أكبر لمختلف شرائح المجتمع الياباني. وخلال هذا الأسبوع تم افتتاح معرض صور مسيرة العلاقات الثنائية ابتداءً من عام 1909م عندما زار أول حاج ياباني المملكة واسمه (عمر ياماوكاتارو) ووثق زيارته في كتابه (ياباني في مكة) التي التقى خلالها بالملك عبدالعزيز آل سعود رحمه اله. وأقيمت على هامش الأسبوع عدة ندوات منها ندوة تحديات التنمية البشرية في المملكة واليابان، وندوة آليات تطوير التعاون السعودي الياباني في مجال البيئة والطاقة المتجددة، وندوة تدريس اللغة العربية في اليابان: الواقع والمستقبل. وللإعلام دور في تعزيز الحوار الثقافي السعودي الياباني والنظرة المستقبلية للشراكة السعودية اليابانية وإسهامات التنمية الاجتماعية للمرأة السعودية واليابان. وفي إطار ما تقوم به المملكة من سعي معرفي لتقديم الثقافة العربية والحضارة الإسلامية جاء إنشاء المعهد العربي الإسلامي في طوكيو عام 1982م الذي بواسطته دخل تعليم العربية في اليابان يمثل صورة من صور كثيرة لما تقدمه المملكة من خدمة لهذه اللغة وثقافتها في اليابان. فالمعهد العربي الإسلامي في طوكيو يعد أنموذجاً حياً لما تقدمه المملكة من خدمات ثقافية وتعليمية ليس للشعوب الإنسانية فحسب وإنما لشعوب العالم قاطبة من أجل إقامة جسور التواصل القائم على حوار المعرفة والتفاهم للوصول إلى تحقيق التفاهم والتعاون على الخير والسلام.
وفي ظل الدعم السخي الكريم والرعاية المستمرة من حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - رعاه الله - يواصل المعهد رسالته العلمية والثقافية والحضارية تجاه تعزيز التواصل والتعاون بين البلدين الصديقين وخدمة العلاقات فيما بينهما، ويلقى المعهد بحمد الله إقبالاً منقطع النظير من اليابانيين للاستفادة من خدماته التعليمية كما يلقى إقبالاً من الجاليات الإسلامية وهذا يدل على نجاح المعهد في تأدية رسالته. وإلى جانب نشاط المعهد التعليمي وهو أمر بالغ الأهمية في دعم العلاقات الثقافية بين المملكة واليابان يقوم بأنشطة وأعمال علمية متعددة تمثل الآفاق الواسعة التي يتحرك في إطارها المعهد وتدعم العلاقات الثقافية بين البلدين. ويأتي المجال الاقتصادي في أولويات اهتمام البلدين حيث تعد المصالح التجارية والاقتصادية ركيزة مهمة في علاقاتها الثنائية حيث تؤكد الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين حرص المملكة على تعزيز وتقوية الشراكة الشاملة والتعاون في شتى المجالات التي تخدم مصالح وازدهار البلدين. وأصبحت اليابان الآن الشريك التجاري الثالث للمملكة والشريك الاستثماري الثاني لها في مجال البتروكيماويات وينتظر اليابان عدداً كبيراً من الفرص الاستثمارية الجزئية بالمملكة في العديد من المجالات من بينها الصناعة والطاقة والبيئة والبنية الأساسية والخدمات المالية والتعليم والصحة وتطوير القوى العاملة. وهذا ما تضمنه البيان المشترك الذي صدر في ختام زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - خلال زيارته لليابان عام 2014م عندما كان ولياً للعهد حيث عبر الجانب الياباني عن تقديره لسياسة النفط المتوازنة التي تنتجها المملكة كمصدر آمن يعتمد عليه في إمداد النفط إلى الأسواق العالمية عامة والسوق الياباني خاصة، وتأكيدهما بأهمية المزيد من التعاون في مجال الطاقة وتبادل الخبرات واستمرار التعاون في التخزين المشترك للبترول والتعاون في مجالات الطاقة التقليدية والطاقة البديلة والمتجددة وكذلك المساعدات الفنية اليابانية للمملكة لتطوير سياستها حول فعالية الطاقة من خلال وسائل مثل إرسال الخبراء وعقد الندوات بالإضافة إلى المزيد من التعاون في الاستثمار المتبادل والمفاوضات البناءة المستمرة حول تشجيع البيئة التجارية ونحوها. وعندما زار دولة رئيس الوزراء اليااني شينزو آبي المملكة عام 2013م أكد أن المملكة بشكل خاص شريك مهم للغاية لأمن الطاقة في اليابان. وتمكن الطرفان من زيادة نطاق التعاون الثنائي من خلال كثير من الوسائل مثل زيادة التعاون الصناعي الياباني السعودي وفي مجالات المياه وترشيد استهلاك الطاقة والطاقة المتجددة والتنمية الصناعية وتنمية الموارد البشرية. وفيما يتعلق باجتماعات اللجنة السعودية اليابانية المشتركة فقد حققت تلك الاجتماعات نجاحاً مثمراً، كما حققت اجتماعات مجلس الأعمال السعودي الياباني المشترك النتيجة نفسها حيث يولي البلدان أهمية الاستمرار في انعقاد اللجنة ومجلس الأعمال مرحبين بالتعاون الثنائي بين القطاعات الحكومية والخاصة في كلا البلدين. وخلال اجتماع مجلس الأعمال المشترك الذي عقد في مايو الماضي باليابان الذي تزامن انعقاده مع مرور 60 عاماً على تأسيس العلاقات السعودية اليابانية أكد الجانبان أن العلاقات المميزة بين البلدين ترجمت على أرض الواقع خاصة الواقع الاقتصادي حيث تحتل اليابان المركز الثاني في قائمة أهم الشركاء التجاريين للمملكة وتعدى حجم التجارة بين البلدين 57 مليار دولار في عام 2013م. وتعد هذه اللقاءات خطوة مهمة لتقوية مسيرة العلاقات القائمة أصلاً على قواعد وأسس متينة ودعم زيادة التعاون الاستثماري الذي يأمل البلدان أن يجد المساحة الأكبر من الحوار حتى تصل العلاقات الاقتصادية إلى شراكة استراتيجية تقوم على التوازن والمصالح والمنفعة للطرفين فاليابان بوصفها أحد صناع الاقتصاد الدولي لم تغب يوماً عن خارطة الاهتمام السعودي وكذلك الحال بالنسبة لصناع القرار الياباني الذين لم يغفلوا أبداً المملكة ودورها كرقم مهم في الخارطة الاقتصادية العالمية ومركز من مراكز القرار الاقتصادي والسياسي في منطقة الشرق الأوسط. كما أكد المجلس على وضع الآليات العملية للاستفادة القصوى من الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وأهمها المبادرات الثلاث التي تم توقيعها مع الجانب الياباني بطوكيو في العام الماضي بحضور وإشراف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - متمنياً أن تكون الاتفاقيات حافزاً للمزيد من التعاون في نقل التقنية والتدريب وتبادل الخبرات في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع المشاريع المشتركة وقيام صناعات متكاملة تعتمد بالدرجة الأولى على استخدام التقنية الحديثة ومدخلات الإنتاج المتوفرة في البلدين والاسفادة من المزايا النسبية لتعظيم القيمة الاقتصادية المضافة لمواردنا الطبيعية والاستفادة من الخبرات الكبيرة المتراكمة لدى الجانب الياباني في إنشاء مشاريع مشتركة عملاقة تخدم البلدين والشعبين الصديقين.
كما يحرص البلدان على استقرار سوق النفط للاقتصاد العالمي وعلى أهمية زيادة تشجيع التعاون الثنائي في مجال الطاقة والاستفادة من الخبراء في البلدين في هذا المجال من خلال لجنة المشاورات السعودية اليابانية للطاقة وكذلك ضرورة التعاون الثنائي المشترك في مجال الطاقة المتجددة والطاقة النووية. كما رحبا بالتوقيع على مشروع اتفاقية بين المملكة واليابان حول التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمار. وبالرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي يمر بها العالم إلا أن العلاقات السعودية اليابانية زادت في رسوخها وصلابتها حيث أصبح التقارب السعودي الياباني أنموذجاً يحتذى به في العلاقات الدولية وقد أسهمت رعاية القيادات العليا للبلدين في دفع عجلة العلاقات نحو مزيد من التطور والنمو خلال الفترة الماضية وشكلت اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني المبرمة بين البلدين في عام 1957م حجر الأساس للعلاقات الثنائية والتي تضمنت العديد من المرتكزات شملت تأكيد قيادتي البلدين والتزامهما ببذل أقصى مساعيهما لتنفيذ برنامج التعاون المشترك والتأكيد على أهمية دور القطاع الخاص في تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية والاتفاق على ضرورة تشجيع وتيسير التعاون بين القطاع الخاص في البلدين إضافة إلى أهمية التعاون لتطوير علاقات التبادل التجاري والاستثماري في مجال النفط وتفعيلاً لبنود تلك الاتفاقية تم تشكيل لجنة مشتركة للتعاون الفني والاقتصادي لكي تضع مسارات التعاون الإستراتيجية وتبني برامج عمل تساهم في تعزيز العلاقات الثنائية وترسخها في المجالات كافة.