سامى اليوسف
لماذا أصبحت علاقة الجمهور بالمنتخب فاترة في مشاركاته الأخيرة؟ سؤال طرحته عبر «واتساب»، ثم «تويتر» لاستطلع آراء الجماهير الرياضية عن أسباب هذا الفتور في العلاقة.
في الواقع، لم أتفاجأ بردة الفعل المحبطة لبناء جسر الثقة من جديد بين الطرفين، فقد تأكدت قناعتي وامتزجت بآراء الجمهور الواعي، سأوجز الأسباب مدعومة برأيي، ثم أقدم توصيةً لمسؤولي الرياضة، وكرة القدم في وطني لعل الحال يتبدل في المستقبل القريب.
الاتحاد السعودي لكرة القدم
يتحمّل مسؤولوه ولجانه الوزر الأكبر، فالإدارة سيئة بدليل النتائج، وانقطاع المنجز، كرة القدم تعاني من سوء الإدارة في الملعب وخارجه، فالقرارات الفنية داخل الملعب وتدخل التحكيم عبر قرارات ظالمة في تغيير نتائج مباريات، ومسار بطولات بشكل متكرر دون علاج أو تطوير زرع الاحتقان في مدرج الكرة السعودية، وخارج الملعب حضرت سياسة الكيل بمكيالين، وازدواجية المعايير لتقسم المدرج على نفسه وتزيد من التعصب في ظل غياب العدالة والخروج عن النص وحضور الاستثناءات من لجان الانضباط والمسابقات والاحتراف والتراخيص والإعلام .. نتذكر فضيحة التراخيص الآسيوية والإنذار الأخير والاعتذارات الانتقائية لرئيس الاتحاد، ولن ننسى سوء اختيار وترشيحات أعضاء ورؤساء بعض اللجان وبخاصة المتعصبون منهم.
تصريحات أعضاء الاتحاد
خروج بعض الأعضاء خاصة من حملة الشهادات العلمية الرفيعة بتصريحات تؤكد وجود تدخلات في عمل ادارة المنتخب كما صدر عن أبي داود، أو وجود قرارات جاهزة تصل للاتحاد كما ذكر القريني، أو ترتيبات دنيئة لتغيير مسار البطولات الحالية والسابقة كما صرّح بخاري، إلى جانب بعض التصريحات التصادمية ضد بعض الأندية كما فعل المعيبد مع الهلال.. أو الاعتراف بتسربيات خطابات رسمية، وقبل ذلك الخطاب الرسمي الذي وصف النادي الأهلي بوصف لا يليق دون وجود ردة فعل شفافة تكشف الخفايا وتعاقب المخطئ، أو المفسد.. كل ذلك زرع الكراهية، وأفقد الجمهور الثقة باتحاد الكرة، وأضعف علاقة المدرج الأخضر بمنتخب الوطن.
ضعف إدارة المنتخب
سوء اختيار المدربين، وضعف الإداريين أفقد المنتخب حضوره المحترم في الملعب ومعسكراته المتعددة، فالاختيارات محدودة من أندية جماهيرية معينة، وتتجاوز البارزين والنجوم الجدد إلى أسماء مستهلكة قدمت كل ما لديها، بالتالي تدهورت النتائج، وتراجعت المستويات، وهذا ينفر المشجع.. كذلك غياب الإدارة الحازمة مع سوء انضباطية اللاعبين في لباسهم وقصات الشعر ومواعيد حضورهم، وتباين القرارات بين لاعب وآخر، بل إن نجوماً غابوا عن تشكيلة الأخضر لأسباب غير فنية بعد أن صار وجودها يشكل ضغطاً على جماهير وصحافة ناد معين»!!» .. لاحظوا متى أقرت لائحة الانضباط الخاصة بالمنتخب!
الأندية
تعاني المنتخبات بمختلف درجاتها من عدم تعاون بعض الأندية الكبيرة فيما يتعلّق بتقارير اللاعبين الطبية وجاهزيتهم، والعكس صحيح، هناك أندية تضررت من عبء وطول معسكرات المنتخب بتعرض نجومها للإصابة وفقدانهم في مواجهات حاسمة ومصيرية محلياً وخارجياً.. لا ننسى تصريحات مسؤولي الأندية وبعض الشرفيين التي أضرت بالمنتخب ولاعبيه لا نزال نتذكر كيف شكك شرفي بولاء بعض اللاعبين لمنتخب الوطن بسبب تعصبه زاعماً أنهم يدعون الاصابة، وكيف وأين انتهى سيناريو اتهاماته؟!
اللاعبون
ثقافة اللاعبين كانت محطة اتهام لدى الكثيرين.. فالبعض أشار إلى أن اللاعب السعودي في الأصل اختلف عن الجيل السابق (جيل الذهب) في موهبته، وقتاليته، وانضباطيته، وحماسته عندما يرتدي قميص المنتخب.. ونذكر هنا تصريح اللاعب خالد الغامدي في «صدى الملاعب» كيف عكس فكرًا لا يليق بلاعب محترف يتحيّن الفرصة لتمثيل منتخب بلاده.. العطاء يقل قد يكون لغياب الحافز، أو التشبع المادي والكروي.. وهناك نجوم يظهرون مع أنديتهم بمستويات مغايرة تماماً عن تلك التي يقدمونها مع المنتخب.
الإعلام
وهنا نشير إلى ثلاث جهات رئيسة.. صحافة الأندية التي غلبت مصلحة ناديها ونجومه، والصحافة الصفراء التي طاردت نجوم المنتخب حتى في معسكراته وحبكت قصصاً وسيناريوهات الإثارة الممجوجة للإضرار بنجوم معينة لتعطيلها وتعطيل فرقها على حساب مصلحة الوطن، والبرامج الرياضية التي تقمصت دور برنامج «خط البلدة» سيئ الذكر، وقدمت المتعصبين أو المشجعين بلباس الإعلاميين الذين يمثّلون أنديتهم الجماهيرية وزرعت الفتنة، والكراهية، والعنصرية ضد رموز أندية معينة من باب الحقد والإرجاف والتعصب، وزادت بسيناريوهات محبوكة للفجور في الخصومة وتقديمها سلعةً أو منتجاً تتفاخر به.. هذه الأضلاع الثلاثة جعلتنا نهمل اهتمامنا بالمنتخب، وقسّمت مدرج الأخضر واضعفته وأضرت بسمعة الرياضة السعودية، ولنا في تشدد موقف الاتحاد العراقي من نقل مباراته خير شاهد، كما أنها عزّزت لـ»سفلة تويتر» - كما وصفهم رئيس الهلال السابق - بشن حملات قذرة منظمة تجاه بعض نجوم المنتخب بدافع التعصب وملاحقتهم حتى في حياتهم الخاصة في اقتحام سافر لخصوصيتهم.. في ظل غياب الرقابة والرادع من الجهات ذات العلاقة.
الجمهور وبيئة الملاعب
كما أن نوعية اللاعبين اختلفت عن السابق، فإن الجمهور اختلف بطرق تشجيعه، وحضوره، فالظروف تغيّرت وغيّرت معها المشجع.. الاستديوهات التحليلية في قنوات احترافية مثل (بي إن سبورت)، مع حضور لنقل باهر، ومعلق مميز، ولقاءات تواكب الحدث وتوفر خدمة الإنترنت الشخصية المتنقلة والأجهزة الذكية التي تربطك بمواقع التواصل الاجتماعي بسرعة وتتيح لك التعليق وإبداء الرأي في أجواء تنعم فيها بالراحة وسط الأحباب والأصدقاء تغري المشجع بالبقاء في المنزل، أو الاستراحة، أو الديوانية مع الأصدقاء بعيدًا عن أجواء وبيئة الملاعب غير المشجعة إطلاقاً على الحضور بدءًا من صعوبة الوصول وركن السيارة وتوفر المواقف، مروراً بنقاط التفتيش وعدم تمكنيك من اختيار المقعد المناسب أو منعك من مقعدك، إلى عدم توفير خدمة «الواي فاي» والأكل والشرب بخدمة راقية ومناسبة (نتحدث عن المشجع البسيط في دخله وتذكرته).
ظاهرة مشجع المسيار
ظاهرة خطيرة بالتشجيع ضد أندية الوطن في مشاركتها الخارجية، وفي النهائيات، حيث رفع إعلاميون هم في الأصل مشجعون، وجمهور متعصب شعار (الكورة ما لها علاقة بالوطنية) للتضليل والتبرير لأفعالهم القبيحة المتمثلة بالتنقّل بين مدرجات الأندية الخليجية والعربية والآسيوية واستقبال بعثاتهم وتوديعها كرهاً وتعصباً ضد مصلحة أندية الوطن، الظاهرة استشرت وحضرت بعد السماح لرموزها ومؤيّديها بالتمادي في مشاركة المنتخب عندما استضاف بطولة الخليج «!!»، ليشرب مسؤولو المنتخب من نفس الكأس ويتجرّعوا مرارتها بعد أن سمحوا للمتعصبين بالتمادي، ولم يتصدوا - كما فعل الاتحاد الأردني على الأقل- بحزم وعقاب لهؤلاء المشاغبين.. رموز هذه الظاهرة من المرضى النفسيين يتباكون اليوم ويذرفون دموع التماسيح على «الوطنية» التي ربطوها الآن بالمنتخب في مثال حي لازدواجية معاييرهم!
أعتقد أنني لخصت مشكلة حقيقية نعاني منها في الكرة السعودية، وهي فتور العلاقة بين المشجع أو المدرج الأخضر والمنتخب، والتي خلّفتها أزمة الثقة بين الشارع الرياضي والاتحاد السعودي لكرة القدم.. الأسباب التي ذكرتها تحتاج إلى مشروع وطني يقوم على دراسة تحليلية متعمقة (نسأل هنا عن لجنة الدراسات والبحوث في اتحاد الكرة أو هيئة الرياضة ودورها)، ومتابعة للوقوف على وضع حلول منطقية تقتلع المشكلة تبدأ بانتخاب اتحاد قوي ومستقل، وتقنين البرامج الرياضية، وسن وتطبيق قوانين رادعة لكل مسيء في كل سبب أعلاه لفلترة الأجواء المحيطة بالمنتخب والكرة السعودية لعل وعسى نستعيد هيبتنا الكروية التي ضاعت في الملاعب الآسيوية وما زلنا نبحث عنها.
فواصل
- استقالة الرئيس الذهبي أو رمز الأهلي الجديد مساعد الزويهري لا يُعد خسارة للراقي فحسب، بل سيفتقد الوسط الرياضي هذا الرئيس صاحب القلب الطيب والابتسامة الدائمة، والذي حقق للأهلي ما عجز عنه غيره طوال ثلاثة عقود من الزمان.. سنذكر أبا هليل بكل خير.
- حدثني عن الوفاء الرياضي، وتحديدًا في كرة القدم، أُحدثك عن الهلال، إن تسمية منشآت النادي بأسماء رؤساء وأعضاء شرف سابقين يُحسب لإدارة الوفاء بقيادة الأمير نواف بن سعد وزملائه في الإدارة.
أخيرًا
المذيع عادل الزهراني: هل شعرت بوجود ترتيبات دنيئة لتتويج الأهلي بطلاً للدوري؟
د. عبداللطيف بخاري: نعم
عادل: ليش ما غرّدت؟
بخاري: ما جاء على بالي!
التعليق: أمثل هذا يُترك دون تحقيق صارم من أعلى سلطة رياضية، أو تُترك تصريحاته الخطيرة تمر مرور الكرام دون تمحيص وتدقيق وعقاب؟!