ماجدة السويِّح
استطاع مخترع الرموز التعبيرية «الإيموجي» في الإنترنت أن ينقل اللغة المكتوبة المشحونة بالمعاني والدلالات إلى لغة بصرية سهلة وشعبية تغني عن الكلام، ليبرهن للعالم أجمع أن صورة واحدة تساوي ألف كلمة. في عام 1999 قدم المصمم الياباني «شيجتاكا كوريتا» هديته الفريدة للعالم في تحويل المعاني العميقة إلى رموز مفعمة بالمعاني والحياة. لم تكن محاولاته الأولى في خلق لغة مصورة، سوى بداية لعهد جديد من التعبير الرمزي الذي اجتاح العالم في الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
من الصعب تخيل التواصل اليوم بلا رموز تعبيرية وتوضيحية لرسائلنا اليومية، مما دعا قاموس أكسفورد لإضافة الرمز التعبيري عام 2015 ككلمة العام بدلاً من انتقاء كلمة كما هو معتاد، فاحتل رمز الوجه الضاحك المخلوط بدموع الفرح كلمة العام دون منازع.
اللغة الرمزية لغة شعبية تطورت في فكرتها وتنوع مستخدميها من مختلف الأعمار والثقافات، في الولايات المتحدة الأمريكية يستخدم المستخدمون حوالي 6 بلايين رمز تعبيري وتوضيحي كل يوم.
في الواقع أن «الايموجي» مستودع لأسرار النفوس، فاختيارك للرموز يكشف الكثير عن شخصيتك، خلفيتك الثقافية، لغتك، والبلد الذي تنتمي إليه، لكن اختيارك لرموز تعبيرية قد يحرف في سياق ثقافة أخرى إذا لم تكن حذراً في انتقاء رموزك التعبيرية التي تتجاوز حواجز اللغة، وقد تنحرف عن مسارها الذي اخترته في ضوء التوترات الثقافية والدينية في أرجاء العالم، ومعاناة العالم من الإرهاب والمتعاطفين مع رموزه في كل مكان.
سوء التفسير والفهم لرموزك في سياق ثقافة أخرى لن يشفع لك في ظل التشديدات الأمنية في دول مثل أمريكا وأوروبا. وأخص بذلك المبتعثين لدول الابتعاث في أمريكا وأوروبا، حيث يحاكم أبناء البلد في تهم جنائية نتيجة استخدامهم رموزاً تعبيرية من باب الطرافة أو الهزل في رسائلهم لأصدقائهم أو متابعيهم.
اللغة الشعبية باستخدام «الايموجي» لم تعد لغة غير رسمية أو هزلية، حيث قادت الرموز التعبيرية العنيفة فتاة أمريكية من فرجينيا إلى الاعتقال والمحاكمة لتهديدها أمن مدرستها بعد نشرها على الانتستغرام رسالة تدعو فيها لمقابلتها في المكتبة المدرسية باستخدام رموز عنيفة (سكين، قنبلة، ومسدس).
للطلبة المبتعثين: حتى لا تتعرض للاعتقال، أو تهديد مستقبلك التعليمي بسبب رسائل هزلية أو جهل بالنظام، تذكر قبل أن تنتقي رموزك التعبيرية أنها لغة رسمية تحتل حيزاً من الاهتمام العالمي في فك رموزها، واكتشاف ما وراءها، في هذا العالم المشتعل بالإرهاب، والصراعات الفكرية والدينية، والمصاب بالفوبيا من المسلمين والعرب.