فضل بن سعد البوعينين
أسفرت زيارة ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان للصين عن توقيع اتفاقية مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني لإنشاء لجنة مشتركة سعودية صينية بالإضافة إلى 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم أخرى. تسعى اللجنة المشتركة إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية والعمل على تفعيلها وفق أطر تنظيمية وبرامج مقترحة تحقق مصلحة البلدين.
يمكن للجان المشتركة؛ متى فُعِّلت؛ أن تلعب دورا محوريا في التنمية وتوثيق العلاقات الاقتصادية والوصول بها إلى مرحلة متقدمة من الشراكة المستدامة والمثمرة والمحققة للأهداف التنموية؛ ويمكن أن تسهم في معالجة أية معوقات قد تحد من تنفيذ الاتفاقيات والمشروعات المتفق عليها. تفعيل دور اللجنة يحتاج إلى جهة مستقلة مسؤولة عن إدارتها بكفاءة واستدامة وتحفيز دائم يضمن تحقيق النتائج المرجوة منها.
وضع إستراتيجية واضحة المعالم للاستفادة القصوى من اللجان المشتركة أمر مهم للغاية؛ في الوقت الذي يسهم فيه مؤشر تطور العلاقات الاقتصادية ونمو الشراكات والاستثمارات والمشروعات البينية؛ في قياس حجم الاستفادة المحققة منها. وبالرجوع إلى اللجنة السعودية الصينية؛ نجد أن لكلا البلدين أهدافا محددة ترجوان تحقيقها خلال السنوات المقبلة؛ ما يستوجب علينا وضع الرؤى والاحتياجات المستقبلية التي يمكن للجنة تنفيذها وفق رؤية شمولية تعتمد التصنيف النوعي والأولويات أساسا لها.
التركيز على الأهداف الإستراتيجية المحددة؛ والاحتياجات الملحة؛ أكثر فاعلية وجدوى للاقتصاد الوطني. تعدد الاتفاقيات والتوسع في الأهداف قد يثقل من الحركة ويحد من النتائج المرجوة. لا خلاف على أن الاتفاقيات الخمس عشرة؛ وما سبقها؛ تلامس الاحتياجات الحقيقية لقطاعاتنا التنموية والاقتصادية؛ إلا أن العبرة في إمضائها وتفعيلها لتحقيق رؤية المملكة 2030 ما يفرض على أصحاب المعالي الوزراء والقطاع الخاص مسؤولية كبيرة والتزام تام باستثمار تلك الاتفاقيات لدعم الاقتصاد الوطني ومعالجة مشكلاته.
الاتفاقية الموقعة بين مجلس الغرف التجارية الصناعية ومركز تنمية التجارة الدولية الصينية يمكن أن تسهم بشكل كبير في دعم التجارة البينية وإزالة بعض المعوقات التي يمكن أن تحد من العلاقة التجارية بين البلدين. رفع حجم التبادلات التجارية هدف تسعى المملكة لتحقيقة؛ ويبقى التركيز الأكبر على دعم الصادرات السعودية ورفع حجمها والنأي بها عن أية تنظيمات حمائية قد تظهر مستقبلا.
تحفيز الاستثمارات الصينية من الأهداف الرئيسة للأمير محمد بن سلمان؛ وهو ما بدا واضحا من خلال لقائة بمسئولي البنوك الصينية، ومنها بنك الصين وبنك الصين للاتصالات والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. المملكة في حاجة إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية؛ وتحقيق الاستفادة القصوى من المصارف الاستثمارية ذات الملاءة العالية الباحثة عن فرص استثمارية نوعية وآمنة. دخول المؤسسات المالية الإستثمارية بقوة في دول أسيا وأفريقيا يجعلها أكثر تقبلا للسوق السعودية الآمنة، الأكثر ربحية والأقل مخاطرة. الأمر عينه ينطبق على الاجتماع الذي عُقِد مع نائب رئيس مؤسسة الاستثمار الصينية «كابيتال». يمكن للاستثمارات الصينية أن تلعب دورا مهما في تحقيق الأهداف التنموية؛ خاصة مع الاحتياجات المتنامية لضخ سيولة أجنبية في السوق. تعتبر الصين أكبر الدول المستثمرة في السندات الأمريكية؛ وأكثر الباحثين عن الفرص الاستثمارية حول العالم؛ ومن الحكمة الاستفادة من ملاءتها وخبراتها الاستثمارية والتقنية لتحقيق بعض أهدافنا التنموية التي باتت أكثر حاجة للشراكات النوعية؛ وفي مقدمها الشراكة مع الصين.