د. فهد صالح عبدالله السلطان
أشرنا في المقال السابق إلى أننا أمام ثورة صناعية شرسة. هذه الثورة تختلف جذريا عن الثورات الصناعية التي سبقتها كلها. بل ربما تختلف في كنهتها وطبيعتها عن طبيعة التاريخ الصناعي كله. هناك أعمال كثيرة قد تصل إلى 30 % مما هو موجود حاليا سوف تولد وتظهر في المستقبل.
وفي المقابل فإن نسبة كبيرة من الأعمال القائمة حاليا قد تصل إلى 70 % ستختفي خلال العشرين سنة القائمة. كثير من الأعمال والخدمات التي تقدم حاليا بمقابل سيتمكن الإنسان من الحصول عليها مستقبلا بدون مقابل.
الشيء الواضح أن المستقبل الاقتصادي وميدان الأعمال سيكون مختلفا تماما وسيميل لصالح الأعمال الفكرية الإبداعية، وسيحصد المتميزون والمبادرون
(مجتمعات وأفراد) السبق في ماراثون الاقتصاد والأعمال.
اليوم سنستعرض بعض الأعمال التي يتوقع أن تختفي خلال العشر إلى عشرين سنة المقبلة، بل إن بعضها بدأ فعلا بالانحسار التدريجي مع مرور الزمن. القائمة تتضمن أعمالا كثيرة يصعب حصرها في مقال واحد لكن سنحاول استعراض ما يمكن ذكره في هذا المقال ونستعرض البقية في مقالات قادمة إن شاء الله.
1 - أعمال السكرتارية حيث تفيد الإحصاءات أنه في لندن فقط فقد قطاع السكرتارية 32900 وظيفة منذ العام 2011.
2 - أعمال المحاسبة هي الأخرى تعرضت للانحسار حيث فقد هذا القطاع في لندن فقط أكثر من 30100 وظيفة.
3 - العاملين في البريد تناقصت الوظائف في هذا القطاع بما نسبته 25 % في الولايات المتحدة منذ العام 2010 حيث تناقص العاملون فيه من 525.300 إلى 385.500 موظف.
4 - موظفي الاستقبال: في لندن فقط ومنذ العام 2011 فقد هذا القطاع 15.900 وظيفة.
5 - موظفي إدخال البيانات: لم يكن هذا القطاع أكثر حظا من سابقه حيث فقد في نفس الفترة وفي ذات المحيط الجغرافي 14.100 وظيفة.
6 - المزارعون: حاليا يعمل في قطاع الزراعة في الولايات المتحدة 2 % من السكان بينما كانت تمثل 38 % من السكان ويتوقع أن تتراجع النسبة إلى 1 % خلال العشر سنوات المقبلة بسبب التقدم التقني.
7 - الصرافون (cashiers) يتوقع المراقبون أن تنحسر الوظائف في هذا القطاع في الولايات المتحدة بنسبة 25 % خلال العشرين سنة المقبلة.
8 - المكاتب السياحية: وتعتبر من أكثر القطاعات التي تأثرت بالتطورات التقنية حيث بدأت بالانحسار بشكل ملحوظ. لم يعد السائح بحاجة لمراجعة مكاتب السياحة بعد توفير الخدمات الإلكترونية التي تتوافر على مدار الساعة وفي أي مكان كان. خلال الخمس سنوات الماضية خسر هذا القطاع في لندن فقط 7.300 مكتب.
9 - موظفو المكتبات العامة: يتوقع تراجع كبير في الحاجة لهم خلال العشر سنوات المقبلة بسبب توافر المراجع والمكتبات الإلكترونية. وقد فقدت لندن وحدها 4.700 وظيفة أخصائي مكتبات خلال الخمس سنوات الماضية.
10 - البائعون: يتوقع المحللون أن تتناقص فرص الوظائف في هذا القطاع بشكل ملحوظ خلال العشر سنوات المقبلة بسبب التقدم التقني في وسائل العرض الإلكتروني وقد بدأ تراجع الفرص الوظيفية فيه واضحا حيث فقدت لندن فقط خلال الخمس سنوات الماضية 9.100 وظيفة.
11 - موظفو التأمينات: هذا القطاع هو الآخر سيتأثر بشكل ملحوظ خلال العشر سنوات المقبلة وكمثال على تراجع الفرص الوظيفية فيه فقد خسر القطاع خلال الخمس سنوات الماضية 2.900 وظيفة في لندن فقط.
12 - وظائف النقل والمواصلات: يتوقع المحللون أن تتراجع فرص العمل فيها خلال العشر إلى عشرين سنة المقبلة نظرا لوجود البدائل الأخرى كالسيارات بدون سائق وغيرها.
13 - وظائف قطاع البترول خاصة محطات الوقود التي سيحل محلها محطات الشحن.
14 - وظائف قطاع الصحة: ستتأثر وظائف هذا القطاع من جانبين الأول بسبب التقدم التقني في التشخيص المنزلي وتمكين الأشخاص من إجراء بعض فحوصاتهم بأنفسهم من جانب وبسبب تراجع حوادث المرور والإصابات الناتجة عن أخطاء القيادة من جانب آخر. خاصة بعد توافر السيارات بدون سائق التي ستنحسر نسبة الحوادث فيها إلى الصفر تقريبا.
15 - وظائف التعليم العالي والتدريب: حيث سيأخذ التعليم عن بعد مساحة كبيرة على حساب التعليم الصفي.
وباختصار فإن هيكل الوظائف سيتغير بشكل جذري خلال العشر إلى عشرين سنة المقبلة الأمر الذي يتطلب منا قراءة ذلك بشكل جيد على مستوى الحكومة والمؤسسات والأفراد. وبناء استراتيجياتنا وخططنا ومسارات التوظيف لدينا وفقا لذلك.
والله الهادي إلى سواء السبيل.