أحمد محمد الطويان
من يعمل على التغيير والتطوير لا يستعجل النتائج، ولكن الجمهور وأصحاب الحاجات لا ترضيهم الأقوال مهما كانت ساحرة، ولا ينظرون إلا إلى الأفعال، وأحياناً حتى الأفعال لا ترضيهم إذا كان التعامل معهم جافاً وبارداً ولا يحترم مشاعرهم.. باختصار هناك عقل يفكر، ولكن هناك عاطفة أكثر تأثيراً وسيطرة على الشخصية السعودية في معظم الأحوال.
الوزير المتواضع يدخل القلب، حتى لو كان عمله متواضعاً، وتخطيطه للتطوير أكثر تواضعاً.. أما الوزير المشغول عن الناس، أو من مسه شيء من الغرور، وإنتاجيته عالية وبرنامج عمله متميز، لا يُرحب به.. أما من اجتمع فيه غرور في نفسيته، وتواضع في عمله، فهو بلا شك ستلفظه القلوب وترفضه العقول.
كيف نفكر بعقولنا قبل أن تحكم عواطفنا؟
في مجتمعنا يعتبر هذا الأمر غاية في الصعوبة، لذا على المسؤول الرفيع أن يدرك بأن ليس كل جمهوره على مستوى ثقافي وتعليمي واحد، وإنهم اعتادوا على إنجاز ما لا ينجز بالواسطة والحيلة، ومن يستخدم الحيلة يصبح «ذيب» ومن يستخدم الواسطة يكون في عرفهم «قوي».. واعتادوا أيضاً على تقييم المسؤولين بمعايير «المرجلة» فالفازع الفزوع له مكانة كبيرة، ومن يفتح مكتبه «مدهل للرجاجيل» على حساب ساعات الدوام، مضرب مثل بالسماحة ولين الجانب، ومن يعزم ويستعزم كريم وتُكتب فيه المعلقات.. هناك أزمة فهم عميقة لدور المسؤول، وهناك أزمة فهم لعقلية جمهور المصالح الحكومية.. محظوظ من عرف كيفية التعامل مع الإعلام والناس، وهذا لا تحققه شركات العلاقات العامة من ذوات الأعين الزرقاء أو جماعة «شو بدك يا خيي».. لا يعرف التعامل مع هذا المجتمع إلا أبناء بيئته، والعارفين بتناقضاته، والفاهمين لاحتياجاته، والمدركين لتطلعاته.
الوزراء في السعودية هذه الأيام لا يُحسدون، رواتبهم مقارنة بمديري الشركات ضعيفة، ويخضعون لتقييم قاسٍ، وإن أخطأ أحدهم متعمداً، أو ساهياً، لن يسلم من لوم شديد أو إعفاء عاجل.. لأن صانع القرار يريد إنجازات حقيقية ويستشعر نبض الشارع ويهمه ألا يُحسب على الحكومة من لا يتمتع بالحد الأدنى من المسؤولية.
حتى تكون مسؤولاً ناجحاً في السعودية عليك أن تقوم بما يلي إضافة إلى صفات الصدق والأمانة والإخلاص والعدل والاستقامة، يجب أن تكون هاشاً باشاً طوال الوقت، ألا تعطل أي معاملة مهما حصل، وتبحث عن حلول، أن تفكر بمستقبل قطاعك الحكومي وتطوره.. أن ولي الأمر والمواطن، وهنا نقطة خطيرة، قد تغضب المواطن حتى لا يغضب عليك صانع القرار «ولي الأمر» ويتسبب غضب المواطن بغضب صانع القرار وتعفى بضغطة زر.. اعلم بأنك وضعت من أجل المواطن ولن يرضى عنك القادة إلا بخدمتك للمواطن.. وإرضاء الناس غاية لا تدرك ولكنها في مجتمعنا ممكنة.