د. عبدالرحمن الشلاش
ربما يأتي عنوان هذا المقال مختلفاً تماماً عن كثير من العناوين لمقالات كتبت في مواضيع قريبة من هذا الموضوع لكن في سياقات وتبويبات مختلفة بعض الشيء, مثل اختيار مفردات مرادفة مثل التحديث أو قريبة منها مثل التطوير، أو بعيدة بعض الشيء مثل التغيير.
اخترت التجديد لأن المقصود أن تكون وسائل الدعوة جديدة مسايرة للعصر وإعادة النظر في الوسائل والأساليب القديمة والتي لم تعد ذات جدوى كما كانت في السابق بسبب اختلاف عقليات المتلقين في عصور التقنية والعالم الافتراضي عنه أيام الحلقات المحدودة وجلسات الوعظ من طرف واحد.
أما اختياري للفكر الدعوي وليس الديني فلأن الدعوة هي الوسيلة لنقل تعاليم الدين وعليها يتوقف مدى تقبل الناس من عدمه، فإن كانت وسطية معتدلة ومتسامحة وعقلانية مدعومة بالأدلة والشواهد الصحيحة كانت أقرب للقبول، وإن كانت متزمتة متشددة تقوم على شواهد ضعيفة أو متناقضة أو ممزوجة بالخرافات والأساطير وأحاديث المنامات والأحلام فهي إلى عدم القبول بها أقرب إلا من بعض محدودي العلم والبسطاء.
تجديد الفكر الدعوي وما يعنيني فيه أكثر من غيره هو الفكر الدعوي المنطلق من هذه البلاد المباركة داخلياً وخارجياً. أيضاً قصدت الفكر ولم أحدد الخطاب والمبرر أننا قد نجدد في الخطاب وننمقه ونزخرفه لكن ما الفائدة من كل ذلك إذا لم نجدد الفكر وهو الأصل الذي ينبع منه الخطاب لأننا إذا لم نسارع لإصلاح الفكر المعطوب لدى البعض فسنعاني من تقديم خطاب مضطرب يتسم بالازدواجية ويراوح بين الاحتفاظ بالفكر القديم وبعض الومضات من الفكر المتجدد.
تصدم من وجود أفكار عفا عليها الزمن لدى بعض الدعاة. اليوم ليس هناك ضابط، إذ فتحت القنوات أبوابها لهؤلاء ومنهم من لا يعرف إلا القليل، ووجدوا في مواقع التواصل مجالاً رحباً لتسويق آرائهم العرجاء. أحد هؤلاء يرى أن الرجل كله عورة إلا وجهه وكفيه، لو سألته عن الدليل فلن يجيبك بشيء مقنع، سيظل يلف ويدور إلى أن يعقد المسألة. أكثرية يتكئون على فكر مشوّه عن المرأة لم يرد فيه أدلة عن تعليمها وعملها ومشاركتها في التنمية وممارستها للرياضة يرون أن حدودها جدران المنزل الأربعة. ناهيك عن ثلة تحمل أفكاراً ملوثة ما زالوا يكفرون ويصنفون ولدى بعضهم نزعات طائفية.
هذا الفكر الدعوي وما أوردت منه إلا أمثلة محدودة بحاجة لتجديد لأن العالم يرى أن هؤلاء فعلاً يمثّلون الدعاة الحقيقيين بسبب كثرة ظهورهم دون حسيب أو رقيب في القنوات ومواقع التواصل.