يوسف بن محمد العتيق
يقول الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- في مقدمة تحقيقه لأحد كتب رحلات الحج، وهو كتاب تراثي قديم إلا أن لبعض الباحثين ملحوظات وتحفظات على هذا الكتاب الذي يكتب الجاسر مقدمته حيث قال الجاسر في هذه المقدمة: (ولو نظرنا نظرة عامة إلى ما خلفه لنا المتقدمون من مؤلفات، وأردنا الاقتصار منها على ما ليس فيه ما لا نرتضيه، بحيث نريده سالما من كل عيب، لقل ما نحصل عليه من ذلك التراث، وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً).
هذا حديث الشيخ حمد الجاسر، وهو حديث قائم على البحث والقراءة والنظر في الآلاف من كتب التراث وخرج بنتيجة أنه لو أردنا ألا ننشر ما ليس فيه تحفظات لما وجدنا إلا القليل، وهذا منهج يرسمه الجاسر للباحثين في التراث الذي قد يبدون تحفظا من نشر بعض كتب التراث لكونها تحتوي على ما لا يناسب أو ما فيه تجاوزات.
ولعلي أوضح هنا بعضا من الأفكار التي من المهم أن تكون بين يدي الباحثين في التراث ولاسيما الجيل الجديد من الشباب الذين ينشرون التراث الخطي مؤكدا أنه يجب ألا نقف عند بعض الملحوظات التي نجدها في كتاب تراثي قديم وتمنعنا من نشره وإعادة تحقيقه، فكل الكتب حاشا كتاب الله لا تسلم من الخطأ والنقص يدل على هذا كثرة الردود بين المؤلفين منذ القدم وحتى يومنا هذا إلا أننا حين ندعو إلى بعث التراث الخطي والقديم لا يعني أن كل مخطوط يحق لنا نشره فهناك مخطوطات قديمة لا يجوز نشرها بخاصة إذا تضمنت في صلب موضوعها خطوط حمراء كبيرة في مجال الاعتقاد كأن تكون هذه المخطوطات في موضوعات السحر والشعوذة والدجل فهذه لا يحق لنا نشرها أبدا مهما كانت الأسباب والظروف،ومن الموضوعات التي قد يكون تطرق لها بعض المتقدمين إلا أنه لا ينبغي نشرها وإن اضطررنا لنشرها لا بد من التعليق المناسب موضوعات الحديث عن الآخرين والأنساب والحديث في تاريخ الأسر فهذه قد تحتوي على تصريح أو تلميح بانتقاص مدن وأسر لا ينبغي نشرها حتى ولو كان المحقق يتولى التعليق والرد على المخطوط، وما عدا ذلك فلا بأس من النشر وفق قواعد التحقيق العلمية للمخطوطات وكتب التراث وهي موثقة في عشرات الكتب يسهل الرجوع إليها.