عبد الله باخشوين
.. (الجريمة الكاملة)هي تلك التي ترتكب ولا يترك مرتكبها خلفه أي دليل يقود إليه.. أو يشير إليه بأصابع الاتهام.. أو يضعه في دائرة الاشتباه.
صحيح أن هناك جرائم تقيد ضد (مجهول)لعدم وجود أدلة وبراهين لكن هذا النوع لا يلبث أن يكتشف مرتكبه ولو بعد زمن طويل.. قد يكون العقاب خلاله قد سقط عن مرتكبه.. وحسب القانون لا توجد جريمة كاملة سوى جريمة (قتل النفس)أي الانتحار.. لأنك لن تجد فيها جانيا يمكن أن تطبق عليه عقوبة القتل.
المضحك أن الجريمة الكاملة ليست متحققة إلا في (السرقة) و(السطو)و(النشل).. ومعظم هذا النوع من الجرائم لا يتم كشف هوية مرتكبه إلا عن طريق (التحري).. والاشتباه من خلال قراءة تاريخ فئة اللصوص.. ومعرفة تخصصاتهم وتحديد (نوع)السرقة.. لوضع لائحة (اشتباه)قد تضم عدداً كبيراً من الأشخاص الذين فرزهم والتحقيق مع بعضهم واستخدام أساليب التهديد والإغراء بغض الطرف عن بعض (السوابق)في محاولة للحصول على معلومات قد تقود للجاني أو الجناة الحقيقيين.
وفي كثير من البلدان التي تكثر فيها أعمال السرقة والسطو والنشل.. توجد لدى معظم أقسام الشرطة (قوائم)بأسماء وعناوين وأماكن تواجد اللصوص المحليين ويتم الاستدعاء (وفق)نوع الجريمة بدءا من (المسجل خطر)وانتهاء بالنشال الذي يقتات من سرقة قوت العابرين والغافلين من عباد الله.
اللصوص والساسة والحزبيون هم وحدهم الذين يمكن أن يرتكبوا الجرائم الكاملة لأن الساسة والحزبيين يستطيعون تبرير جرائمهم بإعطائها سيمات نضالية.
أغرب ما في الأمر أن اللصوص - دون استثناء - يعرفون جيداً أن العقوبة (الحكومية)أو (القانونية)ليست وحدها من يتهددهم.. لأن هناك عقوبة إلهية فرضها الله - في كل الأديان - لعقاب السارق.. وكثير من اللصوص يخشاها ويستغفر ويعد نفسه بالتوبة .. غير أن هناك نوعا من السرقة يعتبرها كبار اللصوص (محللة) ولا يعاقب الله مرتكبها.. بل ويعتبرونها ليست مدرجة أساساً في (بنود)السرقة.. وهذه هى سرقة (المال العام)سرقة متشعبة ذات فروع وبنود كثيرة.. منها ما هو مباشر وأكثر عرضة للانكشاف بسرعة، ومنها ما هو غير مباشر ويتم عن طرق متعهدي الأعمال ووسطاء الأعمال.. والعقود والعمولات.. وذلك بحجب العمل عن شركة وإعطاء الأخرى شرط الحصول على (نسبة)هي في الأساس يجب ان تعود لصناديق الدولة.. وقد تنبهت كثير من الدول إلى موضوع آخر يصل بالمال العام.. حيث تم سن قانون - في فرنسا مثلاً - يفرض على رئيس الدولة إعادة كل (الهدايا الثمينة)التي تقدم له من الحكام ورؤساء الدول لصندوق مخصص في الدولة.. فقد أثير جدل كبير عن قيام رئيس إحدى الدول الافريقية الصغيرة.. يدعى (بوكاسا) بتقديم (جوهرة)ثمينة ونادرة لأحد رؤساء فرنسا وأعيدت لصندوق الدولة بعد ان اعتبرت نوعا من الرشوة للرئيس لمجرد أنه قبل ان يستقبله وهو متهم بأكل لحوم الأطفال.
فمن الوسيط إلى المرتشي إلى مقدم التسهيلات إلى قابض العمولة إلى من يفرض لنفسه نسبة خاصة.. إلى.. وإلى كثير من أعمال اللصوصية التي تمر دون عقاب إنساني ودون الخشية من عقاب إلهي.. يوجد من يسعى لتمرير نوع من (الجرائم الكاملة)وهو في أرقى المناصب وأرفعها.. وإلا كيف وصلت ثروة على عبدالله صالح إلى 60 مليار دولار في بلد شديد الفقر مثل اليمن وهو العمل الذي يمكن أن يؤديه وفي أية تجارة يمكن أن تجني ربحاً مماثلاً.