محمد الشهري
سلسلة الوقائع المتقاربة التي شهدناها خلال عشرة أيام مضت على هامش الجولتين الأولى والثانية من منافسات الدوري تجاه الهلال تحديداً، والتي بدأت بواسطة معلق المباراة والأستوديو التحليلي، مروراً بموقف رئيس لجنة الحكام المهنا (الخصم اللدود) الأول للهلال منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وانتهت (بتغريدة) عضو الاتحاد للعبة عبد اللطيف بخاري، هل كانت مصادفة، أم أن وراء الأكمة ما وراءها، هنا أتساءل مع احتفاظي بقناعتي الخاصة لنفسي حيال أيهما الأرجح والأقرب للحقيقة.. لا سيما في ظل ذلك التوافق والتناغم العجيب والمريب في المضامين والأهداف والمُستهدَف؟!!.
فالأخ عمر المهنا رئيس لجنة الحكام، وعضو مجلس إدارة اتحاد الكرة (غُمّت) عليه رؤية مجمل الكوارث التي حدثت خلال باقي المباريات بدون استثناء، والتي تم في بعضها قلب النتائج رأساً على عقب، ولم يتضح له سوى رؤية التسلل الهلالي فقط، وبذلك يعيد لنا ذكرى العديد من كوارثه بحق الهلال، منها ملابسات إلغائه هدف خميس العويران الشهير عندما كان قاضياً؟!!.
وبذلك اتضحت الرؤية تماماً لدى المتابع من أن موقف المهنا الأخير إنما يلخص المعايير التي يجب أن تسير عليها الأمور التحكيمية بقيادته، وهي أن الخطأ لصالح الهلال يختلف كلياً عن الخطأ عليه، وأنها تختلف أيضاً عن باقي الأخطاء المرتكبة لصالح أو ضد الفرق الأخرى خلال مواجهات بعضها البعض، يعني (ركّزوا) على استباحة حقوق الهلال عياناً بياناً واتركوا مهمة التبريرات وخلافه علينا؟!!.
يا كابتن عمر: ظلمت الهلال كثيراً عندما كنت قاضياً، وها أنت توغل في ظلمه وأنت ترأس القضاة وتوجههم، فاتق الله.
وفجأة خرج علينا الأخ عبد اللطيف بخاري (عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة) عبر (تويتر)، وعبر الأثير والفضاء، ليخبرنا بأن بطولات الدوري للمواسم الأخيرة، أي خلال الفترة التي توّلت فيها الإدارة الحالية التي هو أحد أركانها وركائزها، قد تم توجيهها عنوة؟!!.
صحيح أنه كان يرمي من وراء ذلك إلى إيذاء الهلال من خلال استعداء وتحريض الجهات التي تمتلك صلاحيات الإضرار به كالعادة، ولكن الله أنطقه ليقول ما قاله عن بطولات الدوري للمواسم الأخيرة.
بالنسبة للهلاليين أعتقد، بل أجزم بأن الصورة، وبلا رتوش، قد وضحت لهم الآن بكافة زواياها وتفاصيلها ممثلة بتحريضات عضوي اتحاد اللعبة (مهنا وبخاري) ضد ناديهم جهاراً نهاراً، أما موقفهم من ذلك كله فستكشفه الأيام، وسننتظر لنرى.
أما بالنسبة لاتحاد اللعبة (المتهم الأول والرئيسي) في مضامين ما قاله العضو البخاري على رؤوس الأشهاد، فلا أعتقد أنه يمتلك حتى الحد الأدنى من الشجاعة والقدرة على تحمل مسؤولية وضع الأمور في نصابها، سواء من حيث جديّة الإجراءات اللازمة للتحقيق في ملابسات وحيثيات التهمة (الفضيحة)، أو من حيث الحرص على سمعة المنظومة المهدرة، بدليل البيان الهزيل الذي أصدره، والذي يذكرنا بحالات (قلق) السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون إزاء الأحداث.. ذلك أنه لو كان مجلس إدارة اتحاد الكرة يمتلك ولو قدراً يسيراً من الهيبة والقدرة على حماية نفسه، ناهيك عن القدرة على حماية المنظومة بكاملها، لما تجرأ البخاري والمهنا ومن سبقوهم من الأعضاء على (نشر غسيل) هذا المجلس، وهو عاجز تماماً عن درء ذلك كما لو كانوا (ماسكين عليه ذِلّة)، أو كما لو كان بعلمه ورغبته بغية إشغال الوسط الرياضي بإثارة مثل هذه الأنواع من القضايا رغم فداحتها وتأثيرها، وبالتالي صرف الأنظار عن مسلسل النكبات التي سبّبها للكرة الخضراء؟!!.
وتبقى (الهيئة العامة للرياضة) وهي الجهة المسؤولة والمخولة المنوط بها مهمة اجتثاث عناصر الفساد إن وجِدت في أي مرفق من المرافق المنضوية تحت مسؤوليتها وردم بؤره، ورغم أن ما حدث يمس سمعة رياضة الوطن عامة بالدرجة الأولى، ويجعلها مضغة في أفواه الآخرين خارج الحدود، وبالتالي ضرورة تدخل الهيئة بكل حزم للتحقيق واكتشاف مكامن (الدناءة) التي تحدث عنها العضو البخاري بكل أريحية.. إلاّ أن التجارب علمتنا بأن الهيئة -ولأسباب لا نعلمها- (أحَنّ) على اتحاد عيد من نفسه، لذلك لن نندهش إذا تمخضت زوبعة التحقيق عن لا شيء، أو عن إدانة مضحكة تنسجم مع ما قد يتم من تدابير غايتها حصر التحقيق والمساءلة في أضيق نطاق، بعيداً عن تناول النقاط المهمة التي تستدعي التحقيق والتمحيص، درءاً لانكشاف المزيد من العورات، حينها لا مناص من ترديد ما قاله جرير ذات يوم:
(زعم الفرزدق أن سيقتل مربا
فابشر بطول سلامة يا مربع)
أما آن لهذا الصداع أن يتوقف؟!
لن أقول في البلدان المتقدمة، ولكن أقول: في البلدان التي تُحترم فيها مشاعر وحقوق المجتمعات، وتُصان فيها الأمانات، وتوكل فيها المسؤوليات إلى أهلها، بصرف النظر عن كونها متقدمة أو غير متقدمة، عندما يخفق المسؤول في أداء مهمته فلا أقل من أن يبادر بتقديم استقالته احتراماً وتقديراً لكل تلك الاعتبارات، إلاّ عندنا، وفي وسطنا الرياضي تحديداً باعتباره من أبرز الأوساط التي تنمو وتتكاثر فيها هذه النماذج، فالوضع يختلف تماماً، إذ يمكن للفاشل أن يظل يمارس فشلاته لأطول مدة ممكنة غصباً عن (أكبر شنب) لمجرد أن هناك من استثمر ويرغب في استثمار المزيد من فشلاته إلى آخر قطرة، وبالتالي وجب دعمه والدفاع عنه بكل بسالة وبشتى الطرق؟؟!!.
على سبيل المثال لا الحصر: التحكيم بقياداته الحالية، وما يسببه ويشكله من صداع مزمن إلى درجة أنه أضحى القضية الأولى والأهم التي تستحوذ على معظم التناولات والنقاشات والتجاذبات عبر وسائل الإعلام المختلفة؟!.
هذا الصداع يشبه تماماً الصداع الذي يسبّبه (الضِرس) الذي نخرته السوسة وأتلفته كلياً، ليتحول بالتالي إلى أكبر وأبرز مصادر الصداع لصاحبه، لذلك يكون أمر خلع ذلك الضرس هو الحل الوحيد للتخلص مما يسببه من متاعب؟!.
ست سنوات والوسط الكروي يعاني من هذا الصداع الرهيب، والسبب أن الجهة التي من المفترض منها إزالته لم تفعل، ليس لأنها لا تمتلك الحق أو الصلاحية، وإنما لأسباب واعتبارات أخرى أترك أمر اكتشافها لفطنة القارئ الكريم، وإن كانت لا تستدعي الكثير من التفكير؟!.