د. ناهد باشطح
فاصلة:
(لا تدينوا لكي لا تدانوا... بالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم»
- المسيح عليه السلام -
أحدثكم اليوم عن الإدانة.
نعم هذا السلوك المتعب المنافي لديننا وللقيم الإنسانية والذي اعتدناه دون أن نعرف إلى أي مدى يؤثر على حياتنا وتفاعلنا مع الآخرين.
نبدأ في إدانة الآخرين والحكم عليهم لأننا نبرأ بأنفسنا أن نمارس سلوكهم نفسه، تأخذنا الكبرياء بعيداً ونخدع أنفسنا متوهمين بأنه لا يمكن أن نمارس يوماً هذا السلوك الذي ننتقده، فنحن في نظر أنفسنا محصنون من الوقوع في الخطأ، متجاهلين أي نقص فينا.
الذي يحدث أننا نخضع لعمليات نفسية لا نعي لها غالباً فنسقط في الإدانة.
كلنا يعلم في نفسه نقصاً أو ضعفاً لكننا نهرب منه لاشعورياً بكثير من ميكانيزمات الدفاع النفسية مثل:
التبرير: أدين الآخرين بجرم لم يرتكبوه لأنجي بنفسي من اللوم.
الإسقاط: أنسب للآخر عيوبي وأخطائي.
الإزاحة: لكي أزيح توتري عن نفسي أبحث عن خصائص في الآخرين وأدينهم عليها.
في كل الأحوال أذهب بعيداً عن التفكر في نفسي إلى مراقبة الآخر فانتقده وأضخِّم من عيوبه واتجاهل عيوبي بل وادَّعي أني أريد إصلاحه.
الإنسان المتوازن الذي يمتلك الوعي يقدر على تمييز الصواب من الخطأ، وإذا رأى العيوب في الآخرين يعرف أنها عيوب، لكنه لا يتعامل معها بكبرياء.
هذا التوازن والوعي، لا يجعله يدين الآخر بقدر ما يقوده إلى التصرف الصحيح، فبدلاً من إدانة المخطئ يسعى إلى إصلاحه ليس بالنقد أمامه أو من خلفه وإنما بإصلاح نفسه أولاً بممارسة القيم نفسها التي أطلب أن تكون في الآخر.
ماذا لو احتملنا بعضنا بعضاً، ماذا لو رأينا النقص في الآخرين فتبصرنا في أنفسنا إن كان ما رأيناه فيهم هو فينا وإن أنكرناه؟
ماذا لو أننا إن رأينا عيباً في الآخرين فتذكرنا ضعفنا الإنساني وإمكانية تعرضنا للسقوط.
لا شيء سوى أننا سنشعر بالسلام الداخلي، بالمحبة لأنفسنا أولاً حين نعتني بها ونرتقي في قبول الآخر كما هو دون أي انتقاد أو إدانة.