فهد بن أحمد الصالح
لا تُستغرب الفرحة الصادقة التي عمت المشهد الرياضي السعودي بفوز دولة البحرين الشقيقة بميدالية ذهبية وأخرى فضية في منافسات ألعاب القوى ضمن أولمبياد ريو دي حانيرو, وهذا حق الجوار والدين والدم والمصير, وذاك عنوان الفرحة الأولى.
أما الفرحة الثانية فلانها أتت بمدرب سعودي وبطل قاد المملكة للفوز بأول ميدالية عالمية في برونزية سباق ثلاثة آلاف متر موانع في بطولة العالم 1995 في السويد وقبلها بالعديد من الميداليات على المستوى الاقليمي والعربي والاسلامي، وهذا دون شك مصدر فخر سعودي أن يكون العداء سعد شداد هو قائد المنتخب البحريني لألعاب القوى في الاولمبياد العالمي, وهي فرصة ذهبية لم تتوفر له في موطنه الذي يحلم أهله ومواطنيه باستمرار عطائه فيه ولا يلام هنا إن لم يجد الفرصة أن يبحث عنها في أي مكان طالما أننا في زمن الاحتراف والبحث عن لقمة العيش بعد أن أصبحت الرياضة بمختلف العابها وهمومها وسيلة يقتات منها المهتم بها أو البارع فيها ويحقق من خلالها مستقبلا يضمن له بعد توفيق الله عيشاً كريماً, وهذه السعادة ستكون مصدر ازعاج للجنة الأولمبية التي تطالعنا بالآمال وترسم الابتسامات بأقلام رصاص ما تلبث أن تنمحي بكل بطولة أولمبية, فكيف ستبرر لنا الاخفاق في ظل ميزانيات مليونية على الرياضة.
هل اقتنعنا أن زامر الحي لا يطرب عندما فرطنا في العداء البطل سعد شداد ونحن في أمسِّ الحاجة له ولخبرته ومثله العداء هادي صوعان وسيلحق بهم العداء مخلد العتيبي بعد اعتزاله وغيره الكثير من ابطال العاب القوى الذين حققوا ميداليات مختلفة للوطن، ولم يعد أحد من المهتمين يستذكرهم أو يعيد الاستفادة من خبراتهم, هل هانت فرحة الوطن بكامله ومواطنية عندما نفرط بهذه القامات الرياضية ولا نستقطبها أو نكتفي بمنحهم رواتب لا تسدد فواتير خدمات منازلهم أو تسد رمق معيشتهم أو نمن عليهم بمكافآت تُخجل من يعيش في مملكة العطاء وأرض الإنسانية أن يقدمها لهم, ألم نحقق بالمدرب الوطني محمد الخراشي وخليل الزياني وناصر الجوهر بطولات خليجية وآسيوية كانت أشبه بالحلم لنا مع مدربين أجانب, ألم نحقق بالمدرب الدكتور عبدالعزيز الخالد بطولة العالم في كرة القدم لذوي الاحتياجات الخاصة, وبالمدرب العالمي في التنس الأرضي بدر المقيل (المصنف العربي الوحيد على مستوى العالم) بطولات وميداليات تشرف الوطن وتجبر العزاء في الاخفاقات المتتالية للكثير من الالعاب, من سيحاسب الاتحادات واللجان عن الاخفاق في وقت كانت الدولة تصرف مئات الملايين على اخفاقات متنوعة في معظم الالعاب او من أمن العقوبة أهمل الفوز والتأهيل.
ان الاربع سنوات في الاعداد لأي مهمة كافية ليتحقق في نهايتها النجاح ولكن إن أخفق المسؤول وهو قد أخفق في الأربع السابقة فإن الاعداد أصبح اثني عشر عاماً وربما أخفق فتكون ستة عشر عاماً ثم العشرين، وهكذا تتوالى الانهزامات ويحبط المهتم وغير المهتم ويقتنع الجميع أن الصرف الملياري على الرياضة لا يأتي بنتيجة, وهذا قاد الوطني الدكتور عبدالعزيز الجارالله ان يقترح في مقال بهذه الصحيفة في الاسبوع الماضي بعنوان ( إعادة أموال الرياضة للقطاعات) ليطالب بتوزيع الملايين التي تصرف على الرياضة لقطاعات تنموية وتعليمية يحتاجها الوطن لتجاوز أزمته المالية وكذلك لتكون مؤثرة في مستقبله الذي سيكون دون شك أفضل مع الاستفادة من تلك الميزانيات التي نقول انها مهدرة لأن النتائج لم تكن ملموسة طيلة الثلاثة عقود الماضية بما يتوافق مع الانفاق عليها, بل إنه يرى دمج هيئة الرياضة بقاعات أخرى في ظل رؤية الوطن 2030 ودمج العديد من الوزارات ويعيدها الى سابق عهدها مع وزارة الشؤون الاجتماعية أو وزارة التعليم, ولا يجب ان نستغرب مثل هذا الطرح لأن الإنفاق كبير والنتائج محدودة ولدى الدولة اولويات أهم ونتائجها أفضل بكثير على المواطن وأمنه ومعيشته وتعليمه ورفاهيته، وكذلك التأمين على مستقبل الأجيال العالي الضبابية.
ختاماً.. لا يعني نجاح رجل في عمل خاص أو لجنة تسويقية في إحدى الغرف التجارية أو شبكة علاقات عامة انه سيكون ناجحاً في قيادة شأن رياضي لأنه في الاصل غير متفرغ له ولم يقبل الا لمزيد من الوهج الاعلامي والحضور العالمي, وهؤلاء الناجحون يحسبون المنفعة بدقة كاملة, ولعلنا نقتنع بمبررات الاخفاق التي ستطالعنا بها اللجنة الأولمبية، وكذلك اتحاد ألعاب القوى على تفريطه في البطل العداء سعد شداد، وماهي الخطة التنفيذية للاستفادة من ابطالنا في الالعاب المختلفة؛ فالإخفاق لا قدر الله في ظل التوطين الرياضي خير لنا من الاخفاق مع عقود مدربين بالملايين فنخسر الـتأهيل ونخسر المقابل, وأن خير من يقود الاتحادات الرياضية واللجان الالمبية هم من الرياضيين السابقين، ولنا في نجاح اتحاد الطائرة والالعاب الدفاع عن النفس واليد عبرة وعظة وعبرة حتى ولو كان الطموح في اتحاد القدم كبير والمتحقق أقل بكثير, ثم لابد من مؤشرات أداء تقيس وتقيم عطاء الاداريين في كل اللجان والاتحادات التي ستصبح كيانات مستقلو ذات شخصية اعتبارية، وما لم يصاحب ذلك حساب وتقييم ثم تقويم والا ستصبح كالجمعيات الخيرية لا محاسب لها ولا مقيم لأدائها وتركت ليستفرد بها الأقوى صوتاً حتى يجعلها كالكيان الخاص الخيري في ظل غياب العمل المؤسسي الكامل.