خالد بن حمد المالك
لا تنفك ما تقرعه طبول الحرب حولنا من محاصرة لحرفي، إذ لا شيء يشغل العالم - ونحن جزء منه - أكثر من منطقة الشرق الأوسط، ودوله العربية على وجه التحديد، حيث الصراع بين الدول الكبرى على النفوذ، بحجة القضاء على إرهاب هو من صُنعهم ومن تخطيطهم، وقد زرعوه ليكون مبرراً لهذه التدخلات المشبوهة.
* *
لا ننكر أن داعش وأخواتها وُلدوا في منطقتنا وبين ظهرانينا، وأننا أكثر من اكتوى بممارساتهم الشيطانية، وأنهم عبثوا في الأرض فساداً، بما لا ينبغي تركهم هكذا طلقاء، أو إعطاؤهم مساحات آمنة يتحركون فيها لقتل الأبرياء، ولكن من الذي يجهل أن إيران هي من تدعمهم، وتوفر الغطاء الآمن لهم، فهذا حزب الله، وهذا الحوثي، وهذا المخلوع صالح، وهذا المجرم بشار، وهذه داعش أكبر دليل على انغماس إيران في الإرهاب.
* *
لكن هل التدخل الروسي والأمريكي والدول الكبرى في مناطق الصراع في دولنا اقتصر على اجتثاث الإرهاب، أم أنه استُخدم ذريعة لمآرب أخرى، وأهداف غير التي يُعْلن عنها، في ظل صمت عربي، وخلافات عربية - عربية، ما لا يمكن أن تصل إلى حل لهذه المشكلة إلا بمزيد من إراقة دماء الأبرياء، وكثير من التخريب لكل الأبنية والمعالم في هذه الدولة أو تلك.
* *
ولا أحد يعرف موعداً لنهاية هذا السيناريو لحمام الدم العربي المُرَاق، الذي تتسابق الدول والمنظمات والغرباء من الأفراد على أي منهم يفوز بمن يقتل أكثر، مستخدمين بعض المخدوعين من أبناء الوطن، بما لا يمكن فهمه أو تفسيره إلا أننا نسير في الاتجاه الخطأ، ونمارس العدوان على أنفسنا وبحق دولنا، وهو ما لا يذكِّرُنا التاريخ بمثله من حيث مأساويته وتأثيره السيئ.
* *
نريد أن نشاهد في القنوات التلفزيونية برامجَ مريحة للنفس، قابلة للمتابعة، مطلوبة للاستمتاع، فإذا بنا لا نجد غير سلسلة طويلة من الصور، وفي مواقع كثيرة، عن المجازر والتفجيرات، فهذه طائرات تسقط براميلها المتفجرة على الأبرياء من المواطنين، وهذه أحزمة ناسفة تفجر في المجمعات ودور العبادة وغيرها، ليذهب ضحيتها من لا ناقة لهم ولا جمل في هذا الصراع الدموي المرير.
* *
لقد أصبحت هذه الحالة من الإرهاب الدولي الذي يجري في بعض دولنا العربية مادة تتسلى بها الفضائيات، وتستقطب بها المزيد من المشاهدين، فيما أن العقلاء من المشاهدين، وبخاصة من يملك حساً إنسانياً، يتمنون لو أن هذه الصور التي تؤلم مشاهدتها مشاهديها، كان بديلها صوراً تثير في الإنسان القدرة على التنفس بارتياح، ومن دون أن تمسه مثل هذه المنغصات.
* *
ماذا بقي لنا بعد كل ما خسرناه، إنه القليل، وعلينا أن نحافظ عليه، ونعيد إلى دولنا ما كانت تتمتع به من أمن واستقرار، لينعم الجميع بالحياة الحرة الكريمة، في أجواء لا تسودها الحروب والقتل والتدمير كما هي الآن، فهل حان الموعد الجميل الذي نتوق إليه، أم أن المؤامرة تحتاج إلى مزيد من الوقت وإلى كثير من الدماء؟!