د. عبدالواحد الحميد
ليس سراً أن بعض مخرجات الكليات الصحية الأهلية ليست على ما يرام، نقول «بعض» وليس «كل»، كما أن بعض مخرجات الكليات الصحية الحكومية أيضاً ليست على ما يرام، وفي كلتا الحالتين يجب معالجة وتصحيح أوضاع هذه الكليات، لكن الوضع المتردي لبعض الكليات الأهلية يقتضي تحركاً سريعاً لكي لا يتحوّل التعليم الصحي الأهلي إلى تجارة يتضرّر منها الجميع ولكي لا يسيء الرديء إلى الجيد.
فجهود القطاع الخاص في الاستثمار في رأس المال البشري، سواء في مجال التعليم العام أو العالي أو في مجال التدريب، هي جهود ينبغي الترحيب بها من حيث المبدأ، وهي أهم من الاستثمار في المجالات المادية لأن «الإنسان» أهم من «المادة» ولأن الإنسان هو هدف التنمية ووسيلتها كما نردد دوماً.
ولكن من غير المقبول أن ينظر بعض المستثمرين إلى هذا النشاط على أنه فرصة لاستغلال الشباب الباحثين عن مستقبل وظيفي في المجال الصحي، كما أن من غير المقبول توريط سوق العمل بمخرجات يصعب توظيفها بسبب تدني مستواها ليس لأن شبابنا سيئون وإنما بسبب سوء الإعداد والتأهيل.
ومؤخراً قرّرت وزارة التعليم إيقاف منح تراخيص جديدة في هذا النشاط للقطاع الخاص بشكل مؤقت إلى أن تتم دراسة وتمحيص البرامج التي تقدمها الكليات الصحية الأهلية وتصحيح الخلل الذي تعاني منه بعض الكليات. وقد عبّر بعض المستثمرين عن استيائهم من الخطوة التي اتخذتها الوزارة واعتبرها البعض معيقة للاستثمار الخاص في هذا المجال.
أعتقد أن العكس هو الصحيح، فقرار الوزارة الذي كان مطلوباً منذ زمن يأتي لكي يصلح الأخطاء التي طالما اشتكى منها الخريجون والجهات الموظِّفة، وبالتالي فإن تصحيح أوضاع هذا النشاط سيؤدي إلى زيادة الإقبال عليه وزيادة جاذبية توظيف الخريجين. كما أن تصحيح أوضاع هذا النشاط يمثِّل حماية للطالب الذي يدفع تكاليف الدراسة غير المجانية ويفاجأ في النهاية أن سوق العمل يرفضه.
أما الجانب الآخر الذي لا يقل أهمية عن كل ما سبق فهو أن مخرجات الكليات الصحية والطبية تتماس تماماً وبشكل مباشر مع سلامة المستهلك وصحته، ومن ثم كان من اللازم حماية المستهلك من أي أضرار محتملة. وهذا يحتم على وزارة التعليم وعلى الجامعات الحكومية أن تراجع هي أيضاً برامجها الصحية وكلياتها الطبية وإصلاح أي أخطاء واختلالات فيها وعدم الاكتفاء بإصلاح التعليم الصحي الأهلي.
مرحباً بالاستثمار الخاص في التعليم وفي غيره، ولكن ليس باستغلال المستهلك وبشرط أن تتحقق الجودة في المخرجات.