علي الخزيم
توجّه صباحاً إلى إدارة الموظفين واستفسر عن رصيده من أيام الإجازات المستحقة له، الحصيلة 17 يوماً طلب منها 15 ثم توجه للبنك الذي يُحوّل إليه مرتبه طالباً قرضاً بمبلغ يغطي مصاريف رحلة الى بلد تتوافر به بيئة صيفية سياحية ويقصده كثير من (الدائنين) والمرغمين على الرحيل للاصطياف تقليداً أعمى ولإرضاء ميول نفسية خادعة، لا يُلام من تتوافر لديه الإمكانات المادية والوقت وأسباب التنقل والسياحة والمتعة البريئة، هذا جزء من حياته ويملك مقوماته، إنما العُتْبَى على من يُلبّي رغبات أفراد من الأسرة أطفالاً و(امثال أطفال بتفكيرهم)؛ لا يهمهم غير الاستمتاع بالسفريات على حساب أعصاب عائلهم وهمومه بالدين ومتاعبه النفسية نهاية كل شهر حينما يُشعره البنك باقتطاع قيمة القسط الشهري لتسديد القرض السياحي، وهو مُطالَب كل أسبوع أو نحوه بعد عودتهم من السفر واثناء الصيف الحار بأن يحجز استراحة أو (شاليه) للأسرة الكريمة للتنزه والاستجمام طرداً للسأم من البقاء بالمنزل امام أجهزة التكييف! مع ما يتبع من مصاريف مرهقة مادياً تضاف إلى القسط السياحي، سيتبقى نزر يسير من الراتب سيطير لتسديد فواتير أجهزة التواصل لأفراد الأسرة الأعزاء ولفواتير أخرى مستحقه الدفع، زد عليها طلبات وجبات المطاعم السريعة المضرة بالصحة كما يثبته ويؤكده أطباء ثقات.
من العقوق المؤلم لرب الأسرة، أياً كان، ان تُقَاَبل جهوده وكفاحه طيلة النهار وتنقله وسط الزحام وفي رابعة النهار والهجير اللاهب؛ بهذا البرود من أفراد أسرته وأنانيتهم بتلبية حاجات أنفسهم رغم عوارض الضغط وملحقاته التي تلحق بعائلهم المجاهد من أجلهم، لا سيما انهم يعلمون أنه لا يملك المقومات الكافية لكل طلباتهم وحاجاتهم الترفيهية السياحية التنزهية.
رفقاً بهؤلاء الأوفياء لكم، بادلوهم الوفاء بشيء من الرفق والمسئولية والمنطق العقلاني، وكما تقول القاعدة الأثرية: اذا كان عائلكم عسلاً فلا تلعقوه تماماً، فهناك الشتاء والمدارس ومناسبات ومواسم تلزمها مصروفات إضافية لن تتنازلوا عنها، ومن المروءة أن يُحب الانسان لنفسه ما يحبه لغيره، فكيف إذا تعلق الأمر بالوالدين ونحوهما؟
ومما يثير الأسى ويجلب الكآبة لدى العائل القائم بمصاريف الرحلة أن تصله مقاطع ورسائل بعثها أفراد الأسرة ممن هم بِمعيّته إلى أقاربهم وذويهم بالبلد الكريم تتضمن مشاهد سياحية جميلة جاذبة من أنهار ووديان مُرْبِعة، وسواحل بحرية بمنتجعاتها ومرافقها السياحية الاخّاذة، وتتضمن عبارات تُوْحي أن المرسل ينعم الآن بأجمل أيام حياته بهذه المُناخات الرائعة؛ وأنتم أيها الأحباب موتوا بحسرتكم، فليس لكم إلاّ لهيب الصيف!!، عجباً لهم: أليست هي بلادهم قبل عدة أيام وستكون كذلك نهاية الرحلة التي لن تطول؟ غطرسة لا معنى لها ولا مبرر، ولا تفسير لهذا النوع من التفكير سوى السذاجة وقصر النظر، وما هي إلاّ إشباع لرغبات تجول بالأنفس للتفاخر الزائف على حساب (الأجودي)، وهذه التصرفات ستكون مُنبّهاً له لعدم تكرار التجربة، ثم إن هذه الرسائل والمقاطع تُسْتَقْبل بالاستهجان وتقيس مدى عقلية وفكر مرسلها، (تعوذوا من الشيطان فإنكم بعد قليل عائدون)!