كل الصور في صورة عمران. عمران قطع القلوب فماتت الضمائر. عمران الذي أدهش ذهوله دمعة تجمدت في محاجر مقلتيه. عمران بسنواته الخمس، فرحته قهقهة، وحزنه بكاء، وحركته صراخ، وسكونه ذهول. فما الذي أذهل عمران؟ أذهل عمران صوت لفظ الضمير لأنفاسه الأخيرة. ذهوله أدهش دمعة تجمدت في محاجر مقلتيه، ولم يحرك ذهوله طرف عين مستهدفيه؛ لأن عمران كان ورفاقه من أنداده يحشون أنابيب المفرقعات، ويبيتون صواعق تفجير الألغام والمتفجرات. عمران ورفاقه هم من عناهم بوتين، ولافروف. وكل منظومة السجع «زيروف، وقربتوف، وبرميلوف، ومحنط الضميروف، وتنوروف، وكربتوف، ومخادعوف، وكذابوف..إلخ» بقولهم نقصف الإرهابيين، اللذين تصدوا بصواريخهم أرض جو حماية لآبائهم وأمهاتهم وأشقائهم الرضع الصغار من القاذفة (U-2) بأحمالها من النابالم والفسفور والقنابل الحارقة والعنقودية والبراميل المتفجرة من اختراع الحرس الثوري، التي تهدي صبيان حلب كل صباح كور البسبول، وتنثر عليهم الحلوى والبسكويت. من المفارقة العجيبة أنه بعد تحرير عدن في عيد رمضان 1436هـ حطت في مطار عدن طائرة الإغاثة السعودية (السي 130) قادمة من الرياض، وقد فوجئ مستقبلوها حينما بدأ إفراغ حمولتها من الإغاثة بأن من بين حمولتها لعب أطفال؛ فكبَّر أحدهم بصوت مسموع، سمعناه من خلال التغطية التلفزيونية وهو يردد «الله الكبر، حتى بسمة الطفل لم يَنْسَها سلمان». هذه المفارقة هي الفرق بين الضمائر الحية، والضمائر الميتة. سلمان اهتم بغذاء ودواء وبسمة الطفل، وسلامة وطن، وشعب شقيق.. وبوتين اهتم بقتل الأطفال في أحضان أمهاتهم. صورة عمران آية مستقبل أطفال العالم من روسيا. إرهاب الدول تحمل أرحامه إرهابًا أشد فتكًا ممن حمل به قبل وضعه. وينطبق المثل «على نفسها جنت براقش» على روسيا. مكاسب روسيا من مواقفها المناصرة والمعاضدة للدول والمنظمات الإرهابية لن تساوي قيمة الصفر مما سيؤول عن صورة عمران في أذهان صبيان وأطفال هذا العصر. وعلى روسيا وحدها أن تتحمل مستقبل تبعات هذه الصور.. أين العالم الذي يدعي الحرص على سلامة الأطفال وحقوق الإنسان؟ أين المنظمات التي تأن وتتضجر وتشتكي وتغادر كإجراء رمزي على مخالفات مزعومة، أملتها المواقف السياسية؟ أين هي عن الحقيقة الشاخصة على منبر تلاوة الحقيقة الواقع الممثلة بصورة ذهول عمران وأنداده؟ أين المنظمات الإنسانية والشعوب التي تبعد وتدني قياداتها بمواقفها وحشودهااحتجاجاتها؟ أين هي من نيرون وهولاكو وهتلر وموسلين وستالين 2016م، أموات الضمير؟؟
تنبئ أخبار تتداولها النشرات، وتوحي بها التحليلات، بأن مسعى جديدًا يحاول بلورة موقف حوار بين الشرعية اليمنية والحوثيين والمخلوع. والمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين؛ فليس من المصلحة العسكرية والسياسية والشعبية قبول هدنة تسبق الحلول. فالحلول التي يتفق عليها هي التي تفرض حالة التهدئة أو الهدنة، وليس العكس بفرض هدنة لغرض الحوار والتفاهم؛ فتجربتان كافيتان؛ فالحوثي والمخلوع لا يصغيا لنداء الحوار إلا إذا وجدا نفسَيْهما في الموقف الصعب محشورَيْن في الزوايا الضيقة؛ فيلجآ للحيلة والخداع بقبول القرارات الدولية وما ارتكزت عليه من مخرجات الحوار والمبادرة الخليجية؛ ليعيدا تموضعهما وتسليحهما باستقبال الأسلحة المهربة من خلال الساحل الغربي المهمل، وهو الأخطر لوجود مراكب صيد مرتزقة، تهرّب كل ممنوع من بشر من إفريقيا ومخدرات وأسلحة روسية وإيرانية.. وكل المهربات من البشر والمخدرات تستهدف المملكة. فالإثيوبيون الذين يمارسون مختلف الجرائم موجودون بطرق غير مشروعة، وقدموا من خلال التهريب لليمن، ومن ثم التسلل إلى الأراضي السعودية. السيطرة على الساحل وتطهيره إغلاق لأنبوب التغذية للحوثيين وحليفهم المخلوع، ويحول دون هروبهم. هم مطلوبون للعدالة، ولن يرضى اليمنيون بهدر دماء أبنائهم دون الاقتصاص من القتلة حتى لو أرمت عظامهم في قبورهم.