سعود عبدالعزيز الجنيدل
كيف أتعامل مع الآخرين؟ سؤال يبدو في ظاهره سهلا، لكنه في باطنه يحمل فلسفة تحتاج إلى التفكير فيها مليا.
سأحاول في هذا المقال ذكر أقسام الناس من هذه الفلسفة.
ينقسم الناس -كما أرى- إلى خمسة أقسام:
القسم الأول: يتخذ من القاعدة التي تقول «المعاملة بالمثل» نبراساً يسير عليها، ويبني مواقفه في تعاملاته مع الناس عليها.
القسم الثاني: لا يعامل الناس بالمثل، بل يحاول أن يعاملهم بأفضل مما يعاملون به، وأيضاً يعفو ويصفح عمن أخطأ عليه.
القسم الثالث: يعامل الناس معاملة سيئة، فلا يحترم صغيراً، ولا يوقر كبيراً.
القسم الرابع: أطلق عليه، فلسفة الصمت، فأنت لا تستطيع التنبؤ بما يفعل، ويفاجئك بتصرفاته، مع أنك قد تكون من أقرب الأقربين، وتبوح له دائماً بقرارتك، وتطلعاتك المستقبلية، إلا أنه لا يثق فيمن حوله، مهما كان!
القسم الخامس: لا يكون له مبدأ ثابت، فتعامله براغماتيكي، ويتنقل بين الأقسام السابقة، على حسب الشخص الذي يتعامل معه، وبناء على حاجته منه.
هذه الأقسام الخمسة -كما أراها- تمثل شرائح كثيرة من مجتمعنا، والحقيقة أن كل قسم يحتاج إلى مقالات كثيرة لكي ننقده، ولهذا آثرت أن أتحدث عن قسم واحد في هذا المقال، وهو القسم الأول.
هل حقاً تعد المعاملة بالمثل عادلة، وترضي رغباتنا؟ يبدو من وجهة نظري أن الإجابة تحتاج إلى مراعاة عدة جوانب، ولا يمكن التغاضي عنها، ولكي نوضح المقال، لا بد من طرح أكثر من نموذج، ونرى هل هذه الفلسفة في التعامل تنجح مع النماذج المختلفة؟
النموذج الأول: نموذج الشخص غير المتعلم، وَمِمَّا لا يخفى على الكل دور العلم في تهذيب النفوس، والرقي بأفعالنا وأقوالنا، فهذا الشخص سينقصه الكثير والكثير من فنيات وأسس التعامل مع الآخرين، فهل نطبق عليه قاعدة المعاملة بالمثل، ونعامله بناء عليها؟
النموذج الثاني: نموذج الشخص الذي يهوى، ويتلذذ بإحراج الناس، ومحاولة النيل منهم في كل شاردة، وواردة يقولها، أو يدلي بها في كل مجلس، هل نعامله بالمثل، ونحاول رد الصاع عليه صاعاً واحداً؟
النموذج الثالث: وهذا يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة لي! وهو نموذج الشخص الأجنبي غير المسلم، وكيف نتعامل معه خصوصا إذا كان زميل عمل، أو صديقا؟ وماذا نفعل معه إذا كانت معاملته لنا على أعلى مستوى، ويقدم لنا المساعدة دائما حتى لو لم نطلبها، ويبادر إلى تهنئتنا مثلا بمناسباتنا الإسلامية (عيدي الفطر والأضحى)، وكذلك يقدم التهنئة بمناسبة اليوم الوطني لبلادنا، وأيضا ببداية العام الهجري، أو يقدم التهنئة لأمر خاص، مثل قدوم مولود.
يبدو أن التعامل معه يحتمل أمرين:
التعامل معه بجمود، وعدم مبادلته أية تهنئة
أو
التعامل معه بالمثل، ورد صنيعه وتهنئته لنا بأفضل مما فعل.
وبين هذا وذاك كل يغني على ليلاه...
ولا أخفي عليكم أنني سأغني لليلى الخاصة فيني، ولا أدري عن ليلاكم ماذا أنتم مغنون لها!؟
ودمتم...