د. خيرية السقاف
ليتخيل المرء أن ضميره منيرٌ، خرج في لحظة من قفص صدره واستوى بين عينيه،
فوق كفِّه يحادثه وجهاً لوجه..
وبدأ يحاكمه،
ليتخيل هذا ما الذي سيكون من ضميره المنير معه إن كان هو نائماً واستيقظ، أو يقظاً يخاتل ضميره بأفعاله، ويراوغه بنزواته، ويهرب بعيداً عن طَرْقاته في صولاته،
مصيخاً عن نداءاته، متجاهلاً صوتها، وصداها..؟!
أجل،
إن للضمير المنير صولة غضب لا يحتمل خروجها صاحبُه،..
ذلك لأن قوة هذا الضمير تهزم في الإنسان قوة الغواية..!!
فلحظة مواجهة هذا الضميرِ صاحبَه ما أقساها..
ترديه قتيل انكشافه، وتعريه أمام ذرَّاته،.. وتهتك الظلام الذي يلفه..!!
فللمرء عين باطن أيضاً مهما تحاشى أن يتوارى عنها تراه، ترصده،..
هي عضد الضمير فيه، ومحركه،..
فذاته المفردة فيه ما هي إلا جملة أجزاء لا يراها، لكنها منظومة تعمل فيه معاً من أجله،
ينتصر بها حين مواجهته ضميره الحاكم الشاهد بينها حين هو الشعلة المنيرة،
أو ينهزم بها حين تكون فيه هذه الشعلة منطفئة..!
ذلك لأن الضمير شعلة في الباطن لنور أبلج لا ما يعكره، أو يطمسه، أو يخفيه حين يكون جذوةً تُرفَد للإبصار، وتغذى لتوقد منذ البدء مع نمو الأظفار..!
متى ما كانت هذه حاله، وتغافلها صاحبُها، وتمرد يوماً عليها،
حين يخرج بين يدي صاحبه يحاكمه، ألا يطمئن هذا المرء إلى أن له ضميراً يقظاً في صدره يوقفه عن الغفلة،..
يصحح مساره إلى النور مهما شط، ونزا، وأسرف، وغفل، وأخطأ..؟!
لكن، هذا الضمير في الإنسان..،
متى يكون شعلة ينتصر بنورها صاحبه..؟!
ومتى يكون رماداً، وصاحبه في هزائمه يتمادى..؟!
لتتخيل كل ذات في إنسانها لحظة مواجهتها مع ضميرها إن كان جذوة إشراق فيها،..!!
أو ليتخيل صاحبُها أن ليس فيه من جذوة،..!!
فلا نور، ولا يقظة،
ولا مواجهة ولا مكاشفة،
إلى أي درك من الظُلمة سيتردى بغفلة، ونزوة، وصمم،
وطمس، وتعدٍّ، وإسراف..؟!
أتخيل أن كلَّ ذات ستبسط كفَّها اللحظة..
وستنتظر خروج ضميرها بين عينيها..!!
يا لفداحة الخيبة حين تنتظر حتى يأتي المساء وكفها خالية،
لا من حلَّ بها، أو نزل بين عينيها..!!