محمد المنيف
تشرفت بدعوة من معالي وزير الثقافة لحضور اجتماع عُقِد في مكتبه في جدة وللأسف لم أتمكن من الحضور نتيجة وجودي خارج الوطن، تلقيت وصفا كاملا لما دار في الاجتماع الذي قال عنه معالي الوزير: إنه اجتماع مبدئي نتيجة تغيُّب عدد من الأسماء الهامة في الساحة التشكيلية على أن يتبعه لقاءات أخرى في مختلف مناطق المملكة ولمختلف الفنون تختتم بورشة عمل في الرياض.
الاجتماع كشف الكثير من الأمور التي تختص بالمجمع الملكي للفنون الذي يأتي إنشاؤه دليلاً على ما رآه ولاة الأمر وبما تحمله رؤية 2030هـ أن المجتمع السعودي أصبح قادراً على استيعاب الجديد في كل مناحي الحياة ومنها الجوانب الإبداعية التي يمتلكها نخب عدة تنافس ما يحدث في العالم وتشكل إحدى رموز الحضارة، كما أن ما يخطط له من سبل التحول تختص بالأجيال الشابة الأكثر نسبة في المجتمع السعودي التي يعول عليها التخطيط والبناء والمنافسة معتمدين على عقيدة سمحة وعادات أصيلة وموروث جذوره عميقة تُسقَى بالولاء للمليك وانتماء للوطن.
لقد سعدنا بما جاء من إشارات حول ما سيتضمنه المجمع الملكي من مرافق توازي وتماثل المجمعات العالمية أو تتفوق عليها، ستحتضن رواد هذا الفن وأصحاب التجارب التأسيسية مع ما سيتبعها من فنون حديثة معاصرة وصولا إلى صالات للفنون العالمية.
هذا التوجه للجزء الخاص بالفنون التشكيلية يستشِفُّ ويسْتشرِف فيه الفنانون الكثير من الخطوات ومن أهمها: أن يكون للفن دور اقتصادي يعتمد على تسويق الأعمال ودخل رسوم الزيارات وبيع المطبوعات من المؤلفات الفنية واستنساخ اللوحات، كما يمثل خطوة جديدة تحقق رغبات المجتمع الجديد الذي يعيش الوطن به أجمل مراحله نتيجة ما تلقاه واكتسبه أفراده من ثقافة ورقي عبر الكثير من السبل إما بالسفر والاطلاع على فنون وثقافات المجتمعات الأخرى وزياراتهم للمتاحف التي تزدان باللوحات والمنحوتات أو حضورهم المسرحيات العالية المستوى في النص والأداء، مع ما اكتسبه هذا الجيل من مصادر التواصل الاجتماعي وما أحدثته من انفتاح على الآخر تدور فيه الحوارات ويتبادل فيه المستخدمون الآراء وينقل كل طرف جمال ثقافته للآخر في مجال الإبداع الذي يعد عصب الحياة والمكمل لكل ما يحيط بنا في كل التفاصيل.
أعود لأختم القول بأن التشكيليين وبوجودهم في هذا المجُمَّع الملكي يعد تكريما وتقديرا وتتويجا لجهود الكثير ممن هم في الساحة من رواد مؤسسين لمسيرته وأجيال جديدة سكنها الفن وسكنته، وأخلصوا له فمنحتهم الشهرة والقيمة الاجتماعية، ساهموا به مع بقية العطاءات في بناء الوطن، كما أضفى هذا المشروع بعداً حضارياً يؤكد ما وصل إليه أفراد المجتمع من مرونة وسعي نحو تطوير وإضفاء نهج جديد لواقع جديد مؤملين فيما سيتم من ورشة تكاملية يقدم فيها المرشحون للمشاركة فيها أوراق عمل تخدم المشروع.