ميسون أبو بكر
لم تكن درجة الحرارة منخفضة أو الأجواء باردة في كنكون بالمكسيك، ولم تكن الرطوبة تقل عن ثمانين بالمائة نهاراً وتزيد عن خمسين بالمائة مساء، لكن فكرة إقامة المنتجعات (resort) في البلدان التي تعتمد على السياحة رغم الظروف الجوية الصعبة في بعض فصول السنة سواء الرطوبة والحر أو العواصف وثورة الموج، فإنها شجعت على سياحة دائمة قد تخف في بعض فصول السنة لكنها قائمة وتدر دخلاً كبيراً.
المنتجعات السياحية تشكل مدينة سياحية متكاملة من المطاعم والمسارح والمسابح والشواطئ في معظمها ومراكز تسوق وعناية بالبشرة والتجميل بالإضافة لمجسمات معالم سياحية مصطنعة لتعريف السائح بأشهر المعالم الأثرية في البلد عبر تلك المجسمات التي ترج فيها أو محال المبيعات التراثية.
هذه المنتجعات ليست غالية التكلفة على السائح في المكسيك وكوبا على سبيل المثال ولا تقارن بتلك العلاجية الباهظة الأسعار في أوروبا، لكنها تشكل مصدر دخل كبير للدولة وتوفّر وظائف للشباب والشابات الذين يعملون بها بالعشرات، سواء في الإدارة أو التقديم أو خدمة الضيوف أو تنظيف الغرف والطبخ والبيع وحتى في الفرق الموسيقية والمسرحية وتقديم الفلكلور المكسيكي.
بعضهم يجيد اللغة الإنجليزية والآخر قد يكتفي بتحيتك (أولا) حيث تعد أعمالهم غير مباشرة مع النزلاء مما يعطيهم الوقت للتدريب وتعلم اللغة الإنجليزية.
الجودة والنظافة والنظام وتقديم كل ما يسر ويبهج النزلاء وبرنامج الرحلة كاملاً هو فن يتقنه العاملون في مجال السياحة هناك، كما النمط العمراني المتين الذي يعتبر الفن سمة واضحة في كل ركن منه سواء في القطع الخشبية أو اللوحات التشكيلية لأبناء البلد.
كانت لي رحلة ممتعة في ربوع المملكة إلى العلا، وقد التقيت بموظف هيئة السياحة والآثار مشعل البلوي الذي كان خير دليل لنا إلى آثار العلا وأماكنها التاريخية والأثرية ولقد كانت تجربة النزل الذي شُيد من خيام مكيفة وأنيقة أثر في نفسي استدعى السؤال التالي:
لماذا لا نخوض تجربة المكسيك في القرى التراثية ومنتجعات سياحية تشيد بشكل مماثل تستقطب المواطن والمقيم والسائح الخارجي أيضا؟!
كلي أمل بأن هذا المشروع سيكون ضمن رؤية 2030 التي تعنى بالسياحة والآثار لجعل المملكة متحفاً مفتوحاً، ففي كل ركن من مملكتنا تاريخ تشهد عليه آثار ما زالت تذكر بحضارات مضت وتركت مجدها، والصحراء مهوى أفئدة كثير من الناس والخيم التي تستهوي الكثيرين والرحلات إلى الجبال والمواقع الأثرية سيجعل من السياحة بديلاً ممتازاً عن النفط، وسيشغل الآلاف من شبابنا إن قامت شركات لها تجربة عريقة في تأسيس منتجعات مطابقة للمنتجعات آنفة الذكر، وإن تتبعها أيضا رقابة صارمة على تحقيق المواصفات المنشودة.