خالد بن حمد المالك
هناك غموض فيما يتم ويجري في منطقتنا، لا حديث إلا عن التطورات العسكرية والأمنية، ولا كلام إلا عن الإرهاب الذي يزعمون بأن مصدره دولنا وشعوبنا، لا شيء يسمح لأي دولة بالتدخل في شؤون الدول الأخرى دون قرار من مجلس الأمن إلا إذا كان التدخل الظالم يمس الدول العربية في الشرق أو الغرب.
لا حظوا حجم التدخل الدولي في العراق وسوريا وليبيا، دون تفويض من المنظمة الدولية، وبشكل انتقائي، ينسجم بما يلامس تحقيق مصالح الدول الغازية، أو تلك الممولة والداعمة للاحتراب والاقتتال وخلق جو من عدم الاستقرار في دولنا، بشكل لافت، مما يثير أكثر من علامة استفهام.
ما مصالح روسيا في تدخلها العسكري الواسع في سوريا، وقيامها بحماية نظام بشار من السقوط، ماذا تفعل في حلب وغير حلب غير قتل الأبرياء من المدنيين، وعناصر الجيش السوري الحر، وتوجيه صواريخها للمدارس والمستشفيات ودور العبادة، بحجة القضاء على الإرهاب، ودحر داعش، بينما الحقيقة أنها تطارد كل من يشارك في إنهاء نظام المجرم بشار الأسد.
وكيف نفهم صمت أمريكا أمام مشاركة حزب الله اللبناني منذ خمس سنوات بقوات بشرية، وهو الحزب الذي يُصنف أمريكياً ضمن التنظيمات الإرهابية، بل كيف نفهم أن تكون أمريكا طرفاً مشاركاً في الطلعات الجوية بالأجواء السورية جنباً إلى جنب مع روسيا وحزب الله وإيران وعصابات أخرى من العراق، وهي في بداية الأزمة كانت توحي صراحة بأنها مع إرادة الشعب، ومع عدم بقاء بشار رئيساً لسوريا، إن لم تكن لاعباً مؤثراً في سير المعارك هناك لصالح بشار الأسد ونظامه، حتى وإن ادعت بأنها تحارب داعش.
هناك تحوّل جديد وخطير سيؤثر على استقرار منطقتنا ومسار إحلال السلام فيها إذا ما تم استكمال مخططه غير المعلن، فقد أعلن عن تنسيق قادم ربما يتم بين روسيا وتركيا وإيران بشأن الأزمة السورية، بعد الزيارات المكوكية المتبادلة بين مسؤولي هذه الدول بما لم نعهده من قبل، وهو ما يثير الريبة والشك حول ما يمكن أن يحدث، بينما تقف الولايات المتحدة الأمريكية خلف الستار، وكأنها لا دور لها فيما يجري، كما لو أنها إحدى الدول الصغرى ذات المكانة المتواضعة في التأثير على مجريات الأمور.
لقد ولد تنظيم داعش فجأة، وتمدد بسرعة، وأُخليت الطرق أمامه، وجُهزت المدن في سوريا والعراق لتمكينه من خلط الأوراق، والعبث بمستقبل هاتين الدولتين، ولاحقاً -ربما- بدول أخرى، بغرض إعطاء الفرصة للدول الكبرى والصغرى للتدخل في شؤون دولنا بحجة محاربة الإرهاب، والقضاء على داعش، بينما الواقع يشير إلى نوايا خبيثة لتشكيل دولنا بما ينسجم مع مخططات الدول الكبرى المؤثرة، ويستجيب لمقولة الشرق الأوسط الجديد، فهل يمكن فهم ما يحدث أكثر من أنها مؤامرة دولية تستهدفنا في الصميم.