عماد المديفر
المواطن هو الأساس.. وخدمة المواطن هي الهدف.. وتطوير الحي هو في الأصل لخدمة الوطن والمواطن.. ولصالح الوطن والمواطن.. وأن يكون المواطن هو المستفيد.. لا المتضرر..!
هكذا وجه ولي الأمر.. وهكذا أمر.. وهكذا سيتم بمشيئة المولى تبارك وتعالى.. ثم بعزم وتعاون أبناء هذه الدولة المباركة ورجالها المخلصين الذين يعملون ليل نهار لراحة المواطن وتحقيق أمنه ونهضته ونمائه ورخائه، وكل ما من شأنه بناء هذا الوطن العظيم الشامخ، ورُقيّه، وإعماره، تحقيقاً لتطلعاتنا، بسواعدنا وتعاوننا وتعاضدنا.. ولتصبح مدننا وأحياؤنا على درجة مستحقة من التطور، تتلاءم والمكانة التي يتبوؤها الإنسان السعودي الوفي على أرض هذا الوطن الطيب الطاهر المبارك، قبلة المسلمين، وواجهتهم، وموئل أفئدتهم.
لقد استمعت وناقشت وقرأت لعدد من المواطنين من أهالي حي الرويس القديم بجدة حول مشروع تطوير حيّهم ذي التاريخ الجميل والذكريات العطرة، والذي توارث عدد منهم فيه بيوتهم ومساكنهم أبا عن جد، هذا التطوير الذي لاقى -بهذه الكيفية كما يقولون- رفضاً واسعاً منهم..
كما استمعت وقرأت للعديد من تصريحات الشركة المطورة ومسؤوليها.. وشاهدت عدداً كبيرا من المواد المرئية والمسموعة التي تحدثت عن هذا الموضوع وبثت عبر الأثير.. واطلعت على عدد من الوثائق والمستندات ذات العلاقة.. وتكونت لدي صورة عن القضية التي أضحت اليوم قضية رأي عام.. والتي يكشف طول مداها إلى أن طريقة التعاطي معها يشوبه العديد من الشوائب.. ويلقي الأهالي باللائمة على أمانة مدينة جدة، وعلى الشركة الموكل إليها تطوير الحي، فيما ترى الشركة أن لدى بعض الأهالي شيئا من السلبية في تعاطيهم مع المشروع وشيئا من ضعف التعاون والتفاعل.
ويصر أهالي حي الرويس على القول بأن حيهم ليس حياً عشوائياً في غالبه.. بل هو «حي قديم وعفوي ونظامي، أرضه خططتها الأمانة وباعتها للمواطنين».. وأن «المناطق العشوائية فيه لا تتعدى 15% من مساحة الحي»، ويدعمون أقوالهم هذه بالوثائق والمستندات والتصاريح والصكوك الرسمية والممهورة بالأختام الرسمية؛ وبالتالي «لا يصح أن يعامل الحي كله كحي عشوائي..! بل هو في أجزاء كثيرة منه حي مملوك ومرخص ومنظم.. وبالتالي ينبغي التعامل معه على هذا الأساس».
كما يؤكد الأهالي وقوفهم مع التطوير.. وأنهم ليسوا أبداً ضده.. أوضد تجديد الحي ومساكنه.. لكنهم مرتابون من التعامل مع الشركة المطورة.. مبدين تخوفهم من الحيف والجور ومرددين بأن «هدف الشركة استثماري بحت على حساب السكان»! وهو ما تنفيه أمانة مدينة جدة، وتؤكد أن «الهدف من المشروع هو تطوير المنطقة العشوائية مع حفظ حقوق المُلاك» .. وفي حين أن عدداً كبيراً من المُلاك في الواقع لا يريد التثمين الذي يرونه مجحفاً في حقهم.. فإن كثيراً منهم يريدون خيار التطوير من قبل المالك وفق المخططات والمواصفات المعتمدة من قبل الجهات المعنية.. لكنهم لا يملكون الأموال الكافية لذلك.. وواضح جداً أنهم لا يثقون في الشركة المطورة ولا في أقوال أمانة مدينة جدة التي يرونها «سبباً رئيساً في ظهور العشوائيات» وأنهم «لا يريدون أن يحملوا وزر العشوائيين ولا وزر أخطاء متراكمة سابقة لا ذنب لهم بها».
يقول المثل الشعبي: «لاقيني ولا تعشيني».. ويبدو أن الشركة المطورة وأمانة مدينة جدة لم يحسنوا التواصل في بداية المشروع مع أهل الحي كما استشفت ممن تحدثت معهم.. ففقدوا ثقة الأهالي!
اليوم الأهالي في غالبهم أكدوا رغبتهم في التطوير بالشراكة معهم، يقول أحدهم مقترحاً: «للممول حق الانتفاع لثلاثة أو أربعة عقود.. ثم تعود الأرض لأصحابها.. وخلال فترة الانتفاع يسكن المُلاك في وحدات بنفس حجم المساحات التي يملكونها.. وهكذا يربح الجميع».
إن السكان هم أهم جزء في أي عملية تطوير للأحياء.. وتطوير حي الرويس سينجز بحول الله، ويحقق للجميع مبتغاه؛ عبر مشاورة وشراكة حقيقية مع المواطنين أصحاب الشأن.. فهذا حيّهم.. وهذه أملاكهم.. ومتى ما رأوا أن تطوير الحي لصالحهم ولصالح حيّهم وتراثهم وتراث أجدادهم.. وتراث مدينتهم العريقة.. وحيّهم العريق.. وتم توفير الوسائل الحقيقية التي تطمئنهم على ذلك أو تساعدهم في ذلك.. فلن يتأخروا للحظة واحدة.. فمن منا لا يريد تطويراً لمسكنه وحيّه ومدينته؟!
إلى اللقاء..