د. فوزية البكر
جاء تعيين الأميرة ريما بنت بندر كوكيلة لرئيس الهيئة العامة للرياضة للقسم النسائي كمفاجأة جميلة ومطلوبة في وقتنا الحاضر لكثير من الأسباب التي سنحاول تناول بعضها في مقالة اليوم. الأميرة ريما بنت بندر أكدت أنها لا تسعى إلى خلق أية خلافات مجتمعية أو أحزاب مناصرة أو ضد لكن الضرورات الحياتية لعالم اليوم يحتم العناية بالرياضة النسائية في السعودية.
كم فرصة عمل ستخلق للنساء السعوديات في المدارس ومراكز الأحياء النسائية وكم من معاهد التدريب التعليمية ستفتح لتخلق فرصاً تعليمية وتدريبية للفتيات السعوديات بعد أن فرض المجتمع علي من سبقهن تخصصات أدبية وتربوية ودينية لا تسمن ولا تثمر في سوق العمل فبقين خلف الأبواب المغلقة مرهقات بأحلامهن الشابة التي أصبحت في فترة مبكرة تأكلهن الحسرة على كل الطاقة والتعب الذي أهدرنه في دراسة لا تقود إلا إلى (لا عمل).
الرياضة اليوم لم تعد أمراً خاصاً يؤديه المرء متى ما شاء كما كان الأمر في الأجيال السابقة. الرياضة أصبحت (ضرورة) لبنات وشباب العصر الحديث بعد أن تمكنوا من الوعي بأهمية الرياضة اليومية لوقايتهم من الأمراض الشائعة في وقتنا الحاضر وعلى رأسها السكري والسمنة إضافة إلى فوائد الرياضة الجمة على العقل والنفس وعلى التدرب على خصائص مطلوبة في الجماعات الإنسانية مثل الالتزام واحترام الوقت وقبول الهزيمة والقدرة على التعامل مع التحديات وكلها ظروف تخلقها أجواء الممارسات الرياضية الفردية والجماعية فيما لو تم تطوير الرياضة النسائية المدرسية والجامعية لتصبح صناعة قائمة بذاتها تتنافس فيما بينها وتصرف عقل الشابة والطالبة إلى العناية بنفسها بدل الوقوع في براثين الأفكار الهدامة أو الأمراض النفسية أو الصحية بسبب قلة النشاط البدني.
تشير إحصاءات الاتحاد الدولي للسكري بأن المملكة تعد الأعلى في الإصابة بمرض السكري بين دول الشرق الأوسط حيث وصلت إلى أكثر من 28% من عدد السكان الذي يعود إلى السمنة وأساليب الحياة غير الصحية كذلك نشر المركز الجامعي لأبحاث السمنة على صفحته بتاريخ 22 أغسطس 2016 أن نسبة السمنة في المملكة تدعو للقلق حيث إن 23% من النساء و14% من الرجال مصابون بالسمنة في حين بلغت نسبة زيادة الوزن 30.7% بين الرجال و28% بين النساء التي أعادها الكثير من الباحثين إلى بيئة المنزل والمدرسة والعمل التي تفتقر إلى النشاط البدني إضافة إلى أن المدارس أيضاً تعد بيئة مساعدة على السمنة لعدم وجود حصص رياضية في مدارس البنات، وانتشار المطاعم السريعة حول المدارس.
وتدفع المملكة ثمناً غالياً لهذه المشكلات الصحية الخطيرة إذ بلغت تكلفة علاج الأمراض المرتبطة بالسمنة وقلة النشاط البدني إلى نحو 19 ملياراً سنوياً بسبب الأمراض المرتبطة بنمط الحياة غير النشط وبسوء نوعية الطعام وعدم الوعي بالتعقيدات الصحية والنفسية والشخصية التي تخلقها ظواهر مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة.
نشد على يد القيادة العليا التي امتلكت أخذ القرار الصحيح لصناعة قرار تاريخي مثل هذا سيفتح أفاقاً كبيرة حتى لبنات المعارضين والشاجبين للقرار من خلال وعيهن بأهمية النشاط البدني وحمل هذا الوعي لأبنائهن ممن سيحملون مشاعل المستقبل لهذا الوطن الفتي.
الرياضة نشاط أساسي لصحة البدن والعقل وطريق للتعامل بحكمة مع أساليب المعيشة ونوعية الطعام غير الصحية التي غزت عالمنا الحاضر بما يحتم على الإنسان أن يكون نشطاً بدنياً من خلال ممارسة دائمة للرياضة لا تأتي إلا عن طريق التدريب والتعود الذي ستخلقه الرياضة المدرسية ورياضة مراكز الأحياء.