صوت أزرار لوحة المفاتيح الذي أسمعه عندما اكتب يختلف عن هذا الذي أسمعه وأنا أنظر إلى هذا الناسخ المحترف.
نسيت ما أريد نسخه وأنا أستمع إلى هذا الإيقاع المتناسق، وأتفاعل معه، ووجدت نفسي أخمن ما يكتب: هذا مقال سياسي يبدو ذلك جلياً، يجمع الأوراق يرتبها جيداً ثم يرسل ما نسخ إلى الطابعة، يتناول أوراقاً أخرى ويبدأ مقطوعة جديدة، أتسمّعُ: هذه لا شك قصيدة، فقد ترددت أصداؤها في داخلي وهكذا..
مددت يدي بسرعة تناولت الأوراق المطبوعة، كلها متشابهة لا تمايز في الخطوط، ولا اختلاف انحسرت أمواج النشوة التي تمددت داخلي منذ قليل، ما الذي يفرق بين الكتابة بالقلم والكتابة على اللوحة..
السرعة - قلتُ لنفسي- إمكانية الحفظ والنسخ ثم إعادة اللصق، سهولة إعادة ترتيب الفقرات، وغير ذلك، عندي الميزة الأعظم هي هذا الإيقاع الذي سمعته منذ قليل.
القلم أكثر إحساساً بي، يكاد يعرف ما أريد كتابته، قال لي أحدهم مرة، إذن هناك مناصرون للكتابة بالقلم وآخرون للكتابة بالكيبورد، وفي الغالب هو اختلاف أجيال لكن هناك أسباب أخرى تتعلَّق بالسرعة والسهولة ورائحة الحبر وبياض الورقة المغري.
وكثيراً ما تحدث الكتَّاب عن الورقة البيضاء التي تستفزهم وتحرضهم على الكتابة، وبعضهم قد يدلق عليها حبراً إن لم يجد ما يكتبه.
قلتُ يوماً عن صحراء الورقة:
في مَهْمَهِ الورقِ الصقيلْ
قدماكَ تشتعلان مِن رهقٍ
ومن فرطِ احتمالْ
عيناك تلتهمانِ أصقاعَ الفضاءِ
يعودُ وجهُكَ حاملاً معنى المسافةِ
وامتدادَ الصفحةِ البلهاءِ
والسفر الطويلْ
- أسامة سليمان
o.sulaiman@al-jazirah.com.sa