خالد بن حمد المالك
هي الدنيا، مهما طال بنا المقام فيها، ونالنا من متعتها الكثير، مما حسبناه يقيناً وبأنه فضل من الله يؤتيه لمن يشاء من عباده، إن في المال أو العمل أو التعليم، أو إن امتد ذلك إلى صحة الأبدان التي بدونها لا قيمة لغيرها.
* *
وهي الحياة، حياة كل منَّا، زادت أو نقصت أعمارنا فيها، نلهو بها، وتمرُّ بنا سريعاً، دون أن نفكر بأيامها وشهورها وسنواتها، حيث ننشغل بأمورنا، ونتشاغل أحياناً وكثيراً بما هو مهم أو غير مهم لنا فيها.
* *
يأخذنا التفكير من حين لآخر بما نحن فيه وبما نحن عليه في الحياة وما بعدها، بشعور الخوف من المجهول، والتهيُّب من المستقبل، والقلق مع كل حدث صادم يزورنا بدون رغبتنا، أو إشارة ترحيب وقبول منَّا.
* *
تلك بعض الهواجس، والنظرات بعمق لما حولنا، بما يقترب به تفكيرنا إلى حيث تحليله وقراءته، وهي في زعمي أوهام حيناً، وحقائق أحياناً أخرى، تمسُّ كل منَّا، دون تخطيط إرادي مسبق.
* *
نفكر بالدنيا، ولا ننسى الآخرة، مع كل مصيبة، أو مناسبة مؤثرة، فنشعر بالضعف، وبالانكسار، والهروب إلى الأحلام الجميلة، بأمل أن تكون السعادة -سعادة الدنيا- بقبضتنا، والسعادة الأخرى الأهم- سعادة الآخرة- هي أملنا المرتجى عند رب غفور رحيم.
* *
كلنا هذا الإنسان، الذي يواجه هذا الصراع، ويلفه الحزن كلما كانت هناك نازلة تمسه وتقلقه، أو حلت به مصيبة توجعه، أو شعر بأنه مقصِّر حتى الشعور بالذنب في حق ربه وما يقرِّبه إليه، فهو ومهما قدم من عمل نافع يحاول -وهو الضعيف- أن يتقرب به إليه.
* *
الحياة إذاً مخزن تجارب، ومصدر دروس، والدنيا فانية، وأعمارنا فيها قصيرة، ولا أحد يعرف مداها ومنتهاها، فعسى أن نكون جميعاً ممن يطول عمره، ويكثر ويحسن عمله الصالح، وممن يكون سكناه بعد دنياه روضة من رياض الجنة.